الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في الأيمان والحنث وما يجزئ في الإطعام وما يشترط في المساكين

السؤال

أنا شابة حلفت عدة أيمان لتشجيع نفسي على ترك شيء واحد بأن أكرر الحلف كل يوم على أن أترك هذا الشيء لهذا اليوم, ولكني لم أكن ألتزم بهذه الأيمان دائمًا, بل حنثت في بعضها - ولا حول ولا قوة إلا بالله - أي أني كنت أحلف أن لا أفعل هذا الأمر لهذا اليوم, ولكني أفعله ثم أعود, وأحلف يمينًا جديدًا ثم أعود وأفعل الشيء نفسه, وهكذا, أي تعددت الأيمان وتعدد الحنث على شيء واحد, مع العلم أنه ليس معصية, ولم أعد أذكر عدد الأيمان التي لم أبر بها, وهي كثيرة - ولا حول ولا قوة إلا بالله - وهي تقارب العشرة, ربما أقل أو أكثر قليلًا, وقد مضى على أول يمين حوالي السنتين, وأريد ان أبرئ ذمتي فكيف أفعل؟ هل أفرض عددًا من الأيمان – عشرة أو خمسة عشر مثلًا - وأكفر عنها؟ وهل جرى في زمن النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذا أم أن الجواب من استشهاد العلماء والأئمة؟
وإن لي نقودًا من هدايا أهلي, كما أن عندي ليرة ذهبية, فهل أبيع الليرة الذهبية إن لم تكفِ النقود في إبراء ذمتي؟ وما عليّ؟ وكيف تكون كفارة اليمين؟ وما شروط إطعام المساكين؟ وما هو الأكل المجزئ؟ وما معنى من أوسط ما تطعمون أهليكم؟ هل معنى ذلك أن يكون الطعام من الدجاج أو اللحم؟ وهل يشترط أن يكون المسكين بالغًا؟ وهل يشترط أن يكون المسكين مؤمنًا ملتزمًا أم يكفي أن أعلم عنه أنه مسلم؟ وهل يجزئ إذا كان المسكين من أهل البدع؟ فإني لا أعلم وجود مساكين, وأريد أن أوكل أحدًا بذلك, فهل عليّ أن أتأكد من إيمان هذا المسكين واستحقاقه؟ ومن هو المسكين؟ هل يجزئ أن أطعم إنسانًا يملك ما يعينه على الأكل هو وعياله, ولكن حاله بين المتوسط والضعيف, ولكنه قادر على إطعام نفسه وعياله, أرجو تفصيل ذلك كله - بارك الله فيكم, وجزاكم الله خيرًا, ونفع بعلمكم - وآسف على الإطالة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

لقد كانت أسئلتك كثيرة وبعضها متداخل أو مكرر؛ ولذا فإننا سنجيب عنها بشيء من الإجمال مع الإحالة إلى ما تقدم الجواب عنه.

فنقول أولًا: إن كثرة الحلف مذمومة شرعًا، وينبغي للمسلم تجنبها، وإن كان حلفك باسم من أسماء الله تعالى أو بصفة من صفاته فإن عليك بكل يمين حنثت فيها كفارة يمين مستقلة؛ لأنك كنت تحلفين بعد الحنث في اليمين, كما يبدو من قولك: "كنت أحلف أن لا أفعل هذا الأمر لهذا اليوم, ولكني أفعله ثم أعود وأحلف" وانظري الفتوى رقم: 12551 لمعرفة أقوال أهل العلم في تكرار اليمين على شيء واحد, وعليك في هذه الحالة أن تكفري عن عدد يغلب على ظنك حصول براءة الذمة به، وانظري الفتوى: 56146.

ولا أثر في الحكم على كون الحنث قبل سنتين أو أكثر.

والكفارة تكون بإطعام عشرة مساكين, أو كسوتهم, أو تحرير رقبة, فإن لم تجدي شيئًا من ذلك تكون بصيام ثلاثة أيام عن كل كفارة، ولمعرفة الواجب في الإطعام وكيفيته انظري الفتويين: 6602، 160205 .

وإذا كان عندك من النقود والذهب ما يزيد عن حاجتك المعتادة فعليك أن تخرجي منها الكفارة، وإذا كنت تحتاجين إليها فلك أن تحتفظي بها وتكفري بالصيام, وانظري الفتاوى: 116510، 214495، 189949.

والأكل المجزئ في الإطعام يكون من أوسط ما يطعم المكفر أهله قدرًا ونوعًا؛ ليس فيه إسراف وزيادة, ولا تقتير وتقصير، وهو معنى من أوسط ما تطعمون أهليكم.

ولا يشترط في المساكين غير الإسلام والحرية، ولا يلزمك البحث عن التزام المسلم.

وإن وجد الملتزم التقي فهو أولى, ولا يشترط التكليف، أو بلوغ سن معينة، فيحسب فيهم الرضيع وغيره، كما جاء في المدونة: يعطى الرضيع من الطعام كما يعطى الكبير ـ إن أكل الطعام ـ والكفارة واحدة لا ينقص منها للصغير ولا يزاد فيها للكبير. وقال ابن قدامة في المغني: ويجوز صرفها إلى الكبير والصغير ـ إن كان ممن يأكل الطعام ـ وإذا أراد صرفه إلى الصغير فإنه يدفعه إلى وليه. ولمعرفة الفقير والمسكين الذي يجزئ إطعامه انظري الفتوى رقم: 60559

ولا مانع من أن توكلي من يقوم عنك بالإطعام ممن تثقين به من الأفراد والجمعيات الخيرية, وهو ما ننصحك به نظرًا لما ذكرت من حالك, وانظري الفتوى: 185113 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني