الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شبهة حول مسألة الزواج بالصغيرة

السؤال

علمت أن امرأة نصرانية أسلمت ـ ولله الحمد ـ ولكنها بعد إسلامها كفرت بسبب حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو زواجه من السيدة عائشة في سن مبكر، ولا يوجد كتاب صحيح إلا كتاب الله تعالى وليس الصحابة والأئمة معصومين عن الخطأ، إذ إن المعصوم هم الأنبياء فقط. فلماذا نتمسك ونقدس ما يقوله بعض الأئمة والرواة عن أحاديث قد تكون موضوعة عن الرسول عليه الصلاة والسلام لمجرد أنها في كتاب مسلم والبخاري، وأن الأمة أجمعت أنهما أصح كتابين بعد كتاب الله سبحانه وتعالى؟ مع أن هناك أحاديث لا يصدقها عاقل مؤمن، أتمنى من فضيلتكم أن تجيبوني بالأدلة العلمية المنطقية من القرآن وليس فقط ما يقوله كتاب مسلم والبخاري، فمثل هذه الأحاديث تنفر من يريد الدخول في الإسلام وجزيتم خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن جملة ما استدل به أهل العلم على جواز نكاح الصغيرة قوله تعالى: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ {الطلاق: 4}.

فإن الصغيرة تدخل في قوله سبحانه: وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ـ وقد سبق لنا بيان ذلك في عدة فتاوى، منها الفتاوى التالية أرقامها: 109798، 40373، 34483، 21361.

وقد أشكلت هذه الآية على كثير من الناس ومن جملتهم المسلمين الجدد في الغرب، كما يتبين من هذه الفتاوى المحال عليها، فالمسألة إذن ليست في أحاديث البخاري ومسلم، وليست في الصحابة والأئمة!! وإنما هي في التشبع ببعض الأفكار المغلوطة والاقتناع بها من غير إلمام بالواقع وإشكالياته وأسبابها الحقيقية، ولا بالتاريخ البشري وما اكتنفه من ملابسات وظروف، والعجب أنه في الوقت الذي ينكر فيه كثير من الغربيين الزواج في سن صغيرة، تجد بعضهم لا يستنكر ممارسة الفاحشة في هذه السن، بدعوى الحرية!! والمقصود هنا هو لفت الانتباه إلى أن الحل ليس في التبرؤ من بعض الأحاديث النبوية ما دامت صحيحة ثابتة، ولا من الاجتهادات الفقهية ما دامت منضبطة بالضوابط العلمية، وإلا فهذا هو الإمام البخاري نفسه قد استدل على هذه المسألة بالقرآن قبل أن يستدل بالسنة، فعقد لها بابا في صحيحه، فقال: باب إنكاح الرجل ولده الصغار، لقول الله تعالى: واللائي لم يحضن ـ فجعل عدتها ثلاثة أشهر قبل البلوغ ـ ثم أسند حديث عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي بنت ست سنين، وأدخلت عليه وهي بنت تسع، ومكثت عنده تسعا.

فالمسلك الرشيد في ما يشكل على بعض الناس من آيات القرآن، أو أحاديث السنة، أو حتى اجتهادات بعض الأئمة، أن نبيّن ما فيها من حكمة وموافقة للحق ومراعاة لمصلحة البشر؟! لا أن ننكرها هروبا من طعن الطاعنين؟! وإلا فقد طعنوا في عدة آيات من القرآن، ومنها الآية السابقة، كما يتبين من مراجعة الفتاوى المحال عليها سابقا، وقد سبق لنا بيان منزلة السنة في الدين والتحذير من ردها بحجة الاكتفاء بالقرآن، في الفتويين رقم: 161037، ورقم: 28205.

وراجعي للأهمية جواب بعض الشبهات حول الحديث في الفتوى رقم: 137308.

وأما مسألة الزواج بالصغيرة: فقد سبق لنا تفصيل القول فيها، وذلك في الفتوى رقم: 195133.

وراجعي في بيان شيء من حكمة زواجه صلى الله عليه وسلم بعائشة وهي صغيرة، الفتوى رقم: 30523.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني