الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاج المبتلى بالاكتئاب وضيق الصدر

السؤال

أنا فتاة أبلغ 20 عاما دائمة الاكتئاب ومعي ضيق في الصدر خصوصا عند النوم، وأعاني من تعسر في كل أموري ـ حظ سيئ جدا وشؤم ـ وأنسى بشكل كبير كل ما أحفظ، مع أنني في صغري كنت من الأوائل، ولا أتوفق في شيء مهما فعلت ـ ولله الحمد على كل حال ـ وإن دعوت بشيء يحدث عكسه وكأن حولي شيئا يقول عندما أدعو لك عكس ذلك، وكلما تكلمت بأي شيء تحدث مصيبة! وإخوتي لا يكلمونني، ولا يأتيني خطّاب أبدا، مع أنهم يقولون إنني جميلة، ولكنني أجد نفسي عادية جدا، وكذلك نظراتهم تخبرني أنني لست جميلة، وعلى خلق ودين ـ والحمدلله ـ وإذا أتى أحد من الخطاب فإنهم يهربون ولا يعودون ولا أوفق في إقامة صداقات، وبعض الناس دائما يتكلمون عني بسوء، وتشوه سمعتي ويتهمونني بأشياء باطلة والله يعلم ما أنا فيه، وبسبب حالتي النفسية السيئة في السنة الماضية أخذتني أمي إلى إحدى الشيخات فقامت باستدعاء الجن!! فقالوا لها إنني عندما كنت صغيرة تأذيت من الجن في حديقة منزلي، وأمي أكدت أن كلامها صحيح وقالت إنني مصابة بعين أيضا وطلبت مني أن أستحم يوم الجمعة قبل الأذان بملح خشن وخل وأن أكتب بماء الزعفران سورة البقرة وأشربها، ففعلت ما قالته لي وشعرت بتحسن، ولكنني لم أستطع إكمال العلاج بسبب سفرنا وعادت حالتي أسوأ بكثير، فقد أصبحت أنهار من المشاكل بين أمي وأبي وأبكي بشدة ثم أضحك بشدة حتى قالوا إنني جننت، ولقبي المجنونة في البيت، ومعهم حق فأنا أشعر بأنني لم أعد طبيعية وأبي لا يهمه أن يأخذني إلى أحد الشيوخ ليعالجني وأنا لا أعرف أحدا هنا ويقول لي: من هم في سنك قد تزوجن وعندهن أولاد وشهادات جامعية و... وكأن الأمر بيدي! وأنا الآن شبه ميتة يائسة مريضة ليس لي إلا ربي ويكفيني، وإنني لا أيأس من روحه، إنما يأسي من الأشخاص الذين حولي، فأنا منبوذة ومشؤومة في عائلتي، فهل المؤمن التقي يجن؟ وهل الذي يجن من يكون إيمانه ضعيفا؟ أرجوكم أرشدوني ماذا أفعل؟ وكيف أعالج نفسي بالرقية بالتفصيل دون الذهاب لأحد الشيوخ؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله لك الشفاء والعافية، ثم إننا ننصحك بأمور:

أولها: أن تحسني ظنك بالله تعالى وتتوكلي عليه سبحانه، وتعلمي علما يقينيا أنه سبحانه أرحم بك من أمك التي حملتك وولدتك وسهرت عليك وأرضعتك، وأن قضاءه لك هو الخير والمصلحة، وأنك قد تكرهين الشيء مما يقضيه سبحانه وفيه النفع لك، قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.

فارضي بقضائه وقدره واستسلمي لحكمه وأيقني أنه أعلم بما يصلحك منك بمصلحة نفسك، ففوضي له أمرك دون غيره سبحانه.

ثانيا: اعلمي أن عظم الجزاء مع عظم البلاء، فاصبري والتمسي المثوبة من الله تعالى، فإنه إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب.

ثالثا: اجتهدي في الدعاء ولا تدعيه، فإن الشيطان هو الذي يزين لك ترك الدعاء ويوهمك أنه لا ينفعك، وارقي نفسك بالقرآن والأدعية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وبخاصة الفاتحة والمعوذات، فإن فيها نفعا عظيما بإذن الله.

رابعا: إياك والسحرة والمشعوذين والدجالين، فإنهم لا يملكون ضرا ولا نفعا، فليس لك علاج إلا في القرب من الله وابتغاء مرضاته والاجتهاد في ذكره ودعائه، وأما هؤلاء: فالذهاب إليهم بلاء فوق البلاء، لأنه بلاء في الدين، وبلاء الدين ومصابه أشد.

خامسا: لا بد لك ـ فيما نرى ـ من مراجعة أحد الأطباء النفسيين الثقات امتثالا لوصية النبي صلوات الله عليه بالتداوي، كما يمكنك مراجعة قسم الاستشارات بموقعنا فستجدين هناك فائدة طيبة ـ إن شاء الله ـ وإذا ذهبت لطبيب نفسي فليذهب معك والدك أو والدتك ليدلهم الطبيب على الكيفية المناسبة للتعامل مع حالتك، نسأل الله أن يرفع عنك البلاء ويذهب عنك الضر إنه جواد كريم، ولمعرفة الرقية الشرعية، انظري الفتويين رقم: 1858، ورقم: 35298.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني