الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما يدخل في البدع وما لا يدخل، وحكم القول بعد الركوع: ربنا ولك الحمد والشكر

السؤال

ذكرتم أن معنى البدعة في المفهوم الشرعي هو طريقة في الدين يضاهي بها الطريقة الشرعية ويقصد بها التقرب إلى الله. هناك أمور تشملونها في البدع لا يقصد صاحبها التقرب الى الله مثل المصافحة وقول تقبل الله بعد التسليم في الصلاة خاصة أن الصلاة قد انتهت أي العبادة انتهت فهو لم يضف شيئا على عبادة الصلاة, ومثل قول ربنا ولك الحمد والشكر بعد القيام من الركوع, نعم لا أصل لهم بالشرع ولكن صاحبها لا يقصد بذلك التقرب الى الله إذن هي ليست بدعة حسب المعنى الشرعي للبدعة الذي ذكرتوه فنرجو التوضيح, حتى إن بعضهم في الاحتفال بالمولد النبوي يقسم أنه لا يقصد التقرب الى الله إنما مجرد الفرح والاحتفال كأي احتفال آخر مثل النجاح في المدرسة أو شراء سيارة, فنرجو لو تكرمت شرح وضبط مسألة نية التقرب الى الله في العمل الذي لا أصل له بالشرع, فهل يكفي أن يكون العمل لا أصل له بالشرع كي يكون بدعة أم يشترط وجود نية التقرب الى الله, ولماذا إذا ذكرتم أن البدعة هي طريقة في الدين يقصد بها التقرب الى الله؟؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد بينا ضابط البدعة في الفتوى رقم 631 فانظرها، ونحن نمنع أن يكون ما ذكرته مما لا يقصد به التقرب إلى الله، فإن التزام المصافحة بعد الصلاة، وقول: تقبل الله أو حرما أو نحو ذلك هو من باب الدعاء، والدعاء هو العبادة كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، والأصل فيما كان من العبادات أن فاعله يقصد به التقرب إلى الله تعالى، ومن ثم فلا بد أن يكون متلقى عن الشرع المطهر، فإن العبادات مبناها على التوقيف، وكون الصلاة قد انتهت لا ينفي أن إحداث ذكر أو دعاء مخصوص أو التزام فعل معين لم يأت به الشرع مما يعد بدعة، وأما قول المصلي: ربنا ولك الحمد والشكر بزيادة الشكر فغير وارد في الحديث فتركه والالتزام بالمأثور هو الأولى، سئل الشيخ ابن باز رحمه الله السؤال الآتي: رجل عندما يرفع من الركوع يقول: ربنا ولك الحمد والشكر، وهل كلمة الشكر صحيحة؟ فأجاب: لم تَرِد، لكن لا يضر قولها: الحمد والشكر لله وحده سبحانه وتعالى، ولكن هو من باب عطف المعنى، وإن الحمد معناه الشكر والثناء، فالأفضل أن يقول: ربنا ولك الحمد، ويكفي ولا يزيد والشكر، ويقول: ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات والأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، وإن زاد الشكر لا يضره، ويعلم أنه غير مشروع. انتهى. وانظر الفتوى رقم 123314.

وأما الاحتفال بالمولد النبوي فهم يفعلونه تعظيما للنبي صلى الله عليه وسلم، وتعظيم النبي صلوات الله عليه من الدين الذي شرعه الله لنا، ومن ثم فلا بد أن تكون كيفيته متلقاة عنه صلى الله عليه وسلم، ولا ريب في أن تعظيم النبي صلوات الله عليه وتعزيره وتوقيره مما يتقرب به إلى الله تعالى، فإذا كان على وجه غير مشروع كالاحتفال بالمولد كان بدعة، وهذا بين لا يخفى، فدعوى عدم قصد التقرب إلى الله بالأمثلة المذكورة في السؤال غير مسلمة.

وأما الباب الذي لا تدخله البدعة من المحدثات فهو باب العادات، قال الشاطبي ما مختصره: وَقَدْ تَبَيَّنَ بِهَذَا الْقَيْدِ أَنَّ الْبِدَعَ لَا تَدْخُلُ فِي الْعَادَاتِ، فَكُلُّ مَا اخْتُرِعَ مِنَ الطُّرُقِ فِي الدِّينِ مِمَّا يُضَاهِي الْمَشْرُوعَ وَلَمْ يُقْصَدْ بِهِ التَّعَبُّدُ; فَقَدْ خَرَجَ عَنْ هذه التسمية، فمن ذلك اتِّخَاذُ الْمَنَاخِلِ، وَغَسْلُ الْيَدِ بِالْأُشْنَانِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ قَبْلُ، فَإِنَّهَا لَا تُسَمَّى بِدَعًا. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني