الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يصح حديث لعن معاوية وأبي سفيان ويزيد

السؤال

هل لعن النبي صلى الله عليه وسلم معاوية، كما يقول كثير من الشيعة.
هذه الرواية: قال أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة أنه رأى معاوية يقود بعيرا، وقد ركب عليه أبو سفيان، ويزيد بن أبي سفيان، ونظر إليهم وقال:... لعن الله الراكب، والقائد، والسائق.
وقد سأله صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه: لماذا لعنتهم يا رسول الله؟ قال.... هولاء قتلة، وهم شر على الإسلام، وهم زوج، وأبناء أكلة كبد عمي حمزة.
المصادر.... نهج البلاغة لابن أبي الحديد.
أفيدونا جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فكتاب نهج البلاغة ليس من كتب الرواية أصلا، ومؤلفوه ليسوا ممن يعتمد عليهم ولا يُقبل منهم.

ولفظ ما جاء فيه: ومما ورد من ذلك في السنة، ورواه ثقات الأمة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ـ يعني أبا سفيان ـ وقد رآه مقبلا على حمار، ومعاوية يقوده، ويزيد يسوقه: "لعن الله الراكب، والقائد، والسائق" اهـ. وليس فيه بقية الكلام !!!
هكذا أورده دون إسناد !!

وقد جاء في (مختصر التحفة الاثني عشرية): ومن مكائدهم أنهم ينسبون إلى الأمير من الروايات ما هو برئ منه، ويحرفون ما ورد عنه، فمن ذلك (نهج البلاغة) الذي ألفه الرضي، وقيل: أخوه المرتضى، فقد وقع فيه تحريف كثير، وأسقط كثير من العبارات حتى لا يكون به متمسك لأهل السنة، مع أن ذلك أمر ظاهر، بل مثل الشمس زاهر. اهـ.
وعلق على ذلك العلامة محب الدين الخطيب في حاشيته فقال: نهج البلاغة الذي ألفه لهم الشريف الرضي، وأعانه عليه أخوه المرتضى، وطريقتهما في تأليفه أن يعمدا إلى الخطبة القصيرة المأثورة عن أمير المؤمنين، فيزيدان عليها من هوى الشيعة ما تواتيهما عليه القريحة من ذم إخوانه الصحابة، أو غير ذلك من أهوائهم. وإن الصحيح من كلام أمير المؤمنين في نهج البلاغة قد يبلغ عشره أو نصف عشره، والباقي من كلام الرضي، والمرتضى. اهـ.
وأما الوارد بنحو هذا اللفظ في كتب السنة فهو مبهم لم يُسمَّ فيه الملعون، فعن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان جالسا، فمر رجل على بعير وبين يديه قائد، وخلفه سائق، فقال: لعن الله القائد، والسائق، والراكب. قال الهيثمي: رواه البزار، ورجاله ثقات. اهـ.
وعن نصر بن عاصم الليثي عن أبيه قال: دخلت مسجد المدينة فإذا الناس يقولون: نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله: قلت: ماذا ؟ قالوا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على منبره فقام رجل فأخذ بيد ابنه فأخرجه من المسجد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله القائد والمقود .." قال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله ثقات. اهـ.

وراجع في بيان طرف من فضائل معاوية الفتوى رقم: 62933.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني