الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل المجاهرة بأي معصية يعتبر كبيرة

السؤال

هل كل مجاهرة بالمعصية تكون كبيرة من الكبائر؟
مثال: شخص يدخن في الشارع. هذا مجاهر بالمعصية، ولكن هل هذه المجاهرة من كبائر الذنوب أم إنها معصية فقط وليست كبيرة مثل الزنا، والغيبة -- الخ؟
وهل جميع أنواع المجاهرة بالمعصية تعتبر كبائر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد بينا بالفتوى رقم: 28797 أن التدخين أمام الناس يدخل في المجاهرة، وبينا بالفتوى رقم: 152063 أن المجاهر بالمعصية أقبح ذنبا من غير المجاهر.

وأما كونها كبيرة، فقد صرح بكون المجاهرة كبيرة ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الحديثية حيث قال: وَأما الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَالْعشْرُونَ: فَهِيَ كَذَلِك فِي (الْأَذْكَار) لَكِن بِقَيْد حذفه الْجلَال. وَحَاصِل عبارَة (الْأَذْكَار) : يكره لمن ابتلي بِمَعْصِيَة أَو نَحْوهَا أَن يخبر غَيره بهَا إِلَّا نَحْو شَيْخه مِمَّن يَرْجُو بإخباره أنْ يُعلمهُ مخرجا مِنْهَا، أَو من مثلهَا أَو سَببهَا، أَو يَدْعُو لَهُ أَو نَحْو ذَلِك، فَلَا بَأْس بِهِ، بل هُوَ حسن، وَإِنَّمَا يكره إِذا انْتَفَت هَذِه الْمصلحَة. روى الشَّيْخَانِ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (كل أمتِي معافى إِلَّا المجاهرين، وَإِن من المجاهرة أَن يعْمل الرجل بِاللَّيْلِ عملا ثمَّ يصبح وَقد ستر الله تَعَالَى عَلَيْهِ فَيَقُول: يَا فلَان عملت البارحة كَذَا وَكَذَا، وَقد بَات يستره ربه وَهُوَ يصبح يكْشف ستر الله عَنهُ) انْتهى. فَأفَاد أَن مَحل الْكَرَاهَة إِذا انْتَفَت تِلْكَ الْمصلحَة، فَكَانَ يتَعَيَّن على الْجلَال أَن يَقُول: وَأَن يحدث بِمَا عمله من الْمعاصِي إِلَّا لمصْلحَة، وَفَاته أَيْضا قَول (الْأَذْكَار): أَو نَحْوهَا، المفيدة أَن نَحْو الْمعاصِي مثلهَا فِيمَا ذكر، وَالظَّاهِر أَن مُرَاده بنحوها كل مَا تَقْتَضِي الْعَادة كتمه، ويعد أَهلهَا ذكره خرماً للمروءة كجماع الحليلة وَنَحْوهَا من غير ذكر تفاصيله، وَإِلَّا حرم، بل هُوَ كَبِيرَة لوُرُود الشَّرْع بالوعيد الشَّديد فِيهِ. وفاتهما أَعنِي الْجلَال، وَالنَّوَوِيّ أَن مَحل الْكَرَاهَة إِذا لم يتحدث بالمعصية على جِهَة التفكه بهَا واستحلاء ذكرهَا، وَإِلَّا حرم عَلَيْهِ. انتهى.

مع أن الإصرار على الصغيرة يصيرها كبيرة -ولو بلا مجاهرة-، كما بيناه بالفتوى رقم: 183627.

فنسأل الله أن يتوب علينا أجمعين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني