الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الماء المنقطع عن محل الاستنجاء.. طاهر أم نجس؟

السؤال

عندما أقوم بالاستنجاء من الغائط، أستعمل اندفاع الماء لتطهير المحل دون استخدام اليد؛ لأنني لا أحب أن أباشر النجاسة بيدي. ومن الطبيعي أن يدخل الماء من خلال فتحة الدبر، ثم يخرج منها (وهذا ليس بشك بل هو يقين أشهده بنفسي في كل مرة). كما أنني سألت طبيبًا متخصصًا في المسالك البولية، وأكد لي دخول ماء الاستنجاء من خلال فتحة الدبر (لأن العضلة تكون مفتوحة أثناء الاستنجاء).
وسؤالي هو: لمـاذا تحكمون بنجاسة الماء الخارج من فتحة الدبر، على الإطلاق، في كل الأحـوال؟
فأنـا أرى، وقد أكون مخطئـًا، أنه طالما أن ماء الاستنجاء دخل من خلال فتحة الدبر، وطهّر النجاسة الموجودة بالداخل، (أي داخل فتحة الدبر)، فلن تكون هناك بعد ذلك نجاسة تلوث الماء الجديد، بمعنى أنه في الغسلات الأولى سيدخل الماء من خلال فتحة الدبر، ثم سيخرح منها مختلطًا بالنجاسة، ففي هذه الحالة هو نجس، ولكن في الغسلات التالية سيدخل الماء، ولن يجد أي نجاسة ليختلط بها، وبالتالي سيخرج من فتحة الدبر غير مختلط بأي نجاسة، وبالتالي فهو طاهر.
أمـا إذا قلنا إن ماء الاستنجاء الخارج من فتحة الدبر، نجس على الإطلاق في جميع الأحـوال، فلن نطهر أبدًا؛ لأن الماء سيدخل من خلال فتحة الدبر، ثم سيخرج منها متنجسًا (على حسب فتواكم)، وبالتالي سنحتاج إلى ماء آخر لتطهير المحل. هذا الماء الآخر سيدخل من خلال فتحة الدبر، وسيخرج منها متنجسًا أيضـًا، وهلم جرًا. وسندور في حلقة مفرغة!
أفتوني، أحبتي الكرام، في هذا الأمـر، وصوبوني إن كنت مخطئًا في فهمي، واعذروني إن كنت أتناقش معكم في علة الفتوى، فأنا تعودت أن أعمل عقلي في كل شيء. كما أنني تعلمت منكم أن المسلم العامي، أو المستفتي، عندما يأخذ الفتوى من أهل العلم عليه أن ينظر في الأدلة، ويرجحها.
أسأل الله لكم التوفيق والسداد. فو الله لا تعلمون مدى حبي لكم!

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 134529 أن الاستنجاء اعتمادًا على قوة اندفاع الماء مجزئ؛ لأن الغرض هو إزالة النجاسة. ولكن لا يلزم من ذلك وصول الماء إلى باطن الدبر؛ فإن حد الباطن هو ما لا تلمسه اليد من غير إدخال الأصبع في الدبر، وهذا الإدخال لا يشرع.

قال النفراوي في الفواكه الدواني: وليس عليه ـ أي مريد الاستنجاء ـ غسل ما بطن من المخرجين حال استنجائه، لا وجوباً ولا ندباً، بل ولا يجوز له تكلف ذلك. انتهى.

وقال النووي ـ رحمه الله ـ في المجموع: قال الغزالي: ولا يستقصي فيه بالتعرض للباطن؛ فإن ذلك منبع الوسواس، قال: وليعلم أن كل ما لا يصل الماء إليه فهو باطن، ولا يثبت للفضلات الباطنة حكم النجاسة حتى تبرز، وما ظهر له حكم النجاسة، وحد ظهوره ـ أي ضابط ظهوره ـ أن يصله الماء. انتهى.

وعلى كل؛ فهذا الماء المنقطع بعد زوال النجاسة إذا خرج غير ملوث بشيء منها، يحكم بطهارته.

وللفائدة يرجى مراجعة هذه الفتاوى: 150071، 107895، 162707. 170699

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني