الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يصح تطهير النجاسة بغير الماء

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتههل يعتبر ما يعرف ب DRY CLEAN لغسيل الملابس مطهراً لها؟ وجزاكم الله عنا وعنكم خير الجزاء

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فمذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية، والحنابلة، وهو أصح الروايتين عن أحمد، وبه أخذ من الأحناف محمد بن الحسن وزفر أنه لا يجوز إزالة النجاسة من الثوب والبدن إلا بالماء المطلق، لقوله تعالى: وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً [الفرقان:48].
وقوله تعالى: وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِه [الأنفال:11].
قال النووي رحمه الله: ذكره سبحانه وتعالى امتناناً فلو حصلت الطهارة بغيره لم يحصل الامتنان به. انتهى.
وذهب أبو حنيفة وأبو يوسف وأحمد في رواية عنه، إلى جواز تطهير النجاسات بالماء وبكل مائع طاهر يمكن إزالتها به، كالخل وماء الورد ونحوهما مما إذا عصر انعصر، بخلاف الدهن والسمن ونحوهما، وهذا هو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- حيث قال في الفتاوى الكبرى: وتطهر النجاسة بكل مائع طاهر يزيل: كالخل ونحوه، وهو رواية عن أحمد اختارها ابن عقيل ومذهب الحنفية. انتهى
وقال المرداوي في الإنصاف: وعنه -أي الإمام أحمد - ما يدل على أنها تزال بكل مائع طاهر مزيل، كالخل ونحوه، اختاره ابن عقيل والشيخ تقي الدين وصاحب الفائق. انتهى.
ودليل القائلين بالجواز القياس على إزالتها بالماء بناء على أن الطهارة بالماء معللة بعلة كونه قالعاً لتلك النجاسة، والمائع قالع، فهو محصل ذلك المقصود فتحصل به الطهارة، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه قذراً أو أذى فليمسحه وليصل فيهما. رواه أبو داود وصححه الألباني.
ووجه الدلالة من هذا الحديث، أن إزالة النجاسة الحاصلة هنا، طهارة بغير الماء، فدل ذلك على عدم اشتراطه.
والراجح -والله أعلم- هو القول الثاني لقوة أدلته، وموافقته لقواعد الشريعة وأصولها العامة الداعية إلى اليسر ورفع الحرج، والسير على مقتضى القياس الصحيح، وإن كنا نرى أن الأحوط هو القول الأول خروجاً من الخلاف، فالخروج من الخلاف مستحب كما قرر ذلك الفقهاء، وبناءً على ذلك فإن السائل المذكور يزيل النجاسة ويطهر الثوب بذلك بشرط أن يكون طاهراً في نفسه، مزيلاً لعين النجاسة، والأولى استخدام الماء خروجاً من الخلاف، كما تقدم.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني