الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم التورق عن طريق البنوك

السؤال

ما حكم أخذ القروض من البنوك مع العلم أن جميع البنوك تطلب فوائد ورسوم إدارية؟ فمثلا: أريد قرضا ب 12000 فيقول لي البنك مثلا سوف نشتري حديدا ونبيعه عليك بالأقساط، وهي طريقة حلال، وبعد ما يقوم بالحسبة التي لا نستطيع فهمها يخرج عليك القسط الشهري 1200 ريال، وتخرج عليك فائدة 2400 ريال ويصرون على أنها حلال، وجميع البنوك بهذه الحال ويخبرونك بالفائدة وأنها مثلا 1.9% أو 3.6% وعندما تضرب القرض في الفائدة فإن الناتج لا يكون ما عرضوا عليك بسبب الرسوم الإدارية... وقصتي هي: أريد أخذ قرض ب 300,000 وجميع البنوك تأخذ فوائد وأقل فائدة أو أرباح كما يقولون هي 100,000 يعني أن إجمالي ما أعيده لهم 400,000 في 60 شهرا كأقساط، ويوجد قرض في شركتي ـ أرامكو السعودية ـ يعطونني مثلا 100,000 ويأخذون فائدة 3.5% ولا توجد رسوم إدارية وتقسط على 120 شهرا، والفائدة يستطيع من أخذ القرض أن يتحكم بها لأنها مربوطة بسعر البترول فعندما يرتفع سعر البترول تقل الفائدة وإذا قل سعره ارتفعت، ولها شروط، أخذت قرضا في شهر يناير بمبلغ 10000 ريال وكانت الفائدة 3.5% وهذا القرض أسدده على عشرة أشهر، فيكون عقدي مع الشركة على فائدة 3.5 لمدة عشرة أشهر، وفي شهر مارس ارتفع سعر البترول ـ الزيت ـ فقلت نسبة الفائدة فصارت 3.0% ولأحصل على هذا الخصم فلابد أن آخذ قرضا آخر ولو 300 ريال أو 100 ريال مهما يكن ليتحول عقدي إلى النسبة الجديدة، وهذا يعني أنني سددت شهر يناير وشهر فبراير على فائدة 3.5، وسوف أسدد من شهر مارس إلى شهر اكتوبر ـ نهاية آخر قسط ـ على فائدة 3.0% يقسم المبلغ على 120 شهرا ويزاد على قيمة القسط 3.5%، وقرض شركتي أقل فوائد وأكثر أريحية لي وأيسر علي في التزاماتي المالية، لقد بحثت عن الحلال وحاولت تحريه في بنوك البلاد فلم أجد ما يريح ضميري ويبرئ ذمتي، فماذا أفعل وكل البنوك تقول إن قروضها حلال؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأولا: قد سبق بيان الفرق بين الفوائد الربوية والرسوم الإدارية في الفتوى رقم: 112321، وما أحيل عليه فيها.

ومما يميز الرسوم الإدارية الحقيقية عن الفوائد الربوية أن الرسوم الإدارية تكون رسوما ثابتة تساوي الخدمة التي تبذل عند تقديم القرض فعلا ولا تتغير بتغيير مبلغ القرض، أما الفوائد: فإنها تكون نسبة من مبلغ القرض وتزيد بزيادته، وإن ثبت أن تلك الرسوم فوائد ربوية، فإن هذا القرض لا يجوز إلا للضرورة، وقد سبق بيان حد الضرورة التي تبيح التعامل بالربا في الفتويين رقم: 6501، ورقم: 22567.

ثانيا: بخصوص شراء البنك للحديد وبيعه عليك، فإن كنت تقصد بيعه بعد ذلك على جهة أخرى فهذا ما يعرف بالتورق وفيه خلاف معروف بين أهل العلم، والراجح عندنا جوازه، إلا أنه يشترط لجواز تلك المعاملة أن يتملك البنك هذا الحديد ويقبضه القبض الشرعي بحيث يدخل في ضمانه، وأن يكون المشتري الثاني الذي سوف يشتري الحديد منك غير البنك وإلا كانت عينة محرمة، كما يشترط ألا تكون هناك حيلة أو مواطأة على بيعك الحديد على البائع الأول الذي باعه للبنك، وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 14601، 22172، 64071، وما أحيل عليه فيها.

ثالثا: بخصوص قرض شركة أرامكو المذكور فهو قرض ربوي، وكون نسبة الفائدة قد تتغير تبعا لسعر البترول لا يغير شيئا من حرمة ذلك القرض الربوي، وكونه أكثر أريحية وتيسيرا لا يبيح التعامل بالربا، وإنما تبيحه الضرورة فقط ـ كما سبق ـ وفي ضوء ما ذكرنا تستطيع ـ إن شاء الله ـ أن تميز بين المباح والمحرم في مسألتي القرض والتورق، ونأمل ألا تعدم أن تجد بنكا أو مؤسسة تنضبط بأحكام الشريعة في ذلك، ونسأل الله جل وعلا أن ييسرك لك أمرك وأن يكفيك بحلاله عن حرامه ويغنيك بفضله عمن سواه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني