الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

لزوجتى عندي مبلغ مالي تراكمي، منذ زمن. وتمر السنون ويكون في حسابي وفرة، لكنه لا يغطي كامل السلف، وعندي منحة أرض وحصل لي قرض عقاري، وأنشأت به عمارة، ثم حصل لي قرض سكني سلفة من العمل سددت لها جزءا، وساهمت بجزء آخر لي. السؤال: هل يجب عليها في المال الذي عندي زكاة ومتى؟ هل من حين بدأ يزيد راتبي أم من حين ملكت الأرض أم من وقت استلامي القرض، علماً أنني أزكي ما عندي في حينه؟ بسطوا لي الموضوع باختصار، علماً أن إدارة حسابها وحسابي بيدي، وأي مبلغ أسدده لها أزكيه مباشرة عنها. فهل هذا يكفي ؟ أريد إبراء ذمتها وذمتي جزيتم خيراً. شكرا لكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلم يتضح لنا المقصود بالتحديد من قولك: "ويكون في حسابي وفرة، لكنه لا يغطي كامل السلف. ولذلك فلا بد من التطرق إلى أكثر من احتمال؛ لأننا لا نعرف هل أنت موسر باذل أم أنت لست موسرا. وعلى كل فزوجتك هذه تزكي أموالها التي اقترضتها كما يزكي الدائن دينه. ولذلك حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون المدين موسراً باذلاً، فزكاة هذا المال واجبة على الدائن عن جميع السنين، لكن عند قبضه عند أحمد، وعند الشافعي يجب عليه أن يزكيه مع ماله على رأس كل حول؛ لأنه كالوديعة.
والحالة الثانية: أن يكون المدين معسرا أو مماطلاً أو جاحداً، فذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا زكاة على الدائن في هذا المال، فإن قبضه استقبل به حولا جديدا.
ومنهم من قال: زكاة هذا المال واجبة على الدائن إذا قبضه لما مضى من السنين.
وذهب آخرون إلى أنه في هذه الحالة لا تجب عليه الزكاة إلا بعد قبضه، ويزكيه عن سنة واحدة.
وقد لخص ذلك ابن قدامة- رحمه الله- بقوله: وإذا كان له دين على مليء، فليس عليه زكاة حتى يقبضه، ويؤدي لما مضى. هذا إذا كان الدين على معترف به باذل له. وبه قال الثوري، وأبو ثور. وقال عثمان، وابن عمر، وجابر، وطاووس، والنخعي، وجابر بن زيد، والحسن، وميمون بن مهران، والزهري، وقتادة، والشافعي، وإسحاق، وأبو عبيد عليه إخراج الزكاة في الحال وإن لم يقبضه؛ لأنه قادر على أخذه والتصرف فيه، فلزمه إخراج زكاته كالوديعة. أما إذا كان الدين على معسر أو جاحد فهذا على روايتين: إحداهما لا تجب... وهو قول قتادة، وإسحاق، وأبي ثور؛ لأنه غير مقدور على الانتفاع به. والرواية الثانية يزكيه إذا قبضه لما مضى، وهو قول الثوري، وأبي عبيد، وعن عمر بن عبد العزيز... والحسن، والليث، والأوزاعي، ومالك يزكيه إذا قبضه لعام واحد. انتهى بتصرف.
وعلى ذلك فإن كنت موسرا باذلا؛ فإن زوجتك يجب عليها زكاة أموالها السنوات الماضية كلها، وقيامك بتزكية ما تسدده من مالها إنما يصح إذا كان بتوكيل منها؛ وذلك لأن إخراج الزكاة عن البالغ لا بد فيها من نية صاحبها، أو توكيل منه كما سبق في الفتويين: 25201، 99030 وما أحيل عليه فيها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني