الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العيوب التي يجب بيانها عند الخطبة ويفسخ بها النكاح

السؤال

تزوجت من امرأة أخفى عني أهلها عمرَها, وتهربوا من سؤالي لوليها وأمها عن عمرها ما يقرب من أربع مرات, وعندما أضفتها في كرت العائلة اكتشفت أنها تكبرني بأربع سنوات, واكتشفت أن بها عاهة جسدية لم يخبروني عنها, غير أنهم أخبروني بضربة في أسفل القدم, وأنا الآن كاره لها لكذب أهلها عليّ, فهل يجوز أن أشكوهم في المحكمة, وأريد أن أعرف حقي في هذا الأمر - جزيتم خيرا -.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فجمهور الفقهاء على أن العيوب التي يجب بيانها حال الخطبة, والتي يثبت بها حق الفسخ هي العيوب التي يتعذّر معها الوطء، أو الأمراض المنفّرة, أو المعدية، كالبرص, والجذام, ونحو ذلك، وانظر التفصيل في الفتوى رقم: 53843.

كما يثبت الخيار عند بعض العلماء إذا اشترط الزوج صفة مقصودة في الزوجة فبانت بخلافها، كما لو شرطها بكراً فبانت ثيبًا، أو شابة فبانت عجوزًا، قال ابن القيم - رحمه الله - في زاد المعاد في هدي خير العباد: وأما إذا اشترط السلامةَ، أو شرطَ الجمَال، فبانت شوهاء، أو شرطَها شابةً حديثةَ السن، فبانت عجوزاً شمطاء، أو شرطها بيضاءَ فبانت سوداء، أو بِكراً فبانت ثيباً، فله الفسخُ في ذلك كُلِّه. وانظر الفتوى رقم: 130511.

وعليه, فإن كان العيب الذي اطلعت عليه في زوجتك داخلًا في هذه العيوب, فمن حقك فسخ النكاح، وإن كان العيب خارجًا عن هذه العيوب فلا حق لك في الفسخ.

وعلى أية حال: فإنك إذا رفعت الأمر للمحكمة فإنها ستقضي حسب ما يثبت عندها من البينات، لكن الذي ننصحك به ألا تتعجل في طلاق زوجتك، فقد أرشد الله الأزواج إلى الصبر, وعدم التعجل في الطلاق عند الشعور بالنفور من الزوجة، قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}.

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً, إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِىَ مِنْهَا آخَرَ. رواه مسلم.

قال النووي - رحمه الله -:أَيْ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُبْغِضَهَا، لِأَنَّهُ إِنْ وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا يُكْرَهُ, وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا مَرْضِيًّا, بِأَنْ تَكُونَ شَرِسَةَ الْخُلُقِ, لَكِنَّهَا دَيِّنَةٌ, أَوْ جَمِيلَةٌ, أَوْ عَفِيفَةٌ, أَوْ رَفِيقَةٌ بِهِ, أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. اهـ

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني