الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحقوق الدنيوية والأخروية للمجبرة على التنازل عن حقوقها مقابل الطلاق

السؤال

زوج يسيء معاملة زوجته إلى أن وصل الأمر إلى الضرب والشتائم باستمرار، وذلك بإيعاز من والديه اللذين كانا يرفضان زواجهما من البداية، أو ظلوا يعملون حتى بغَّضوها إليه، وظلت تتحمل, بل تتوسل إليه ألا يطلقها, وفي كل مرة يلقي اليمين كانت تعود إليه على أمل أن تستقيم الحياة, حتى أنها قاطعت أهلها إرضاء له, وفي النهاية دخل في علاقة مع إحدى معارف والده؛ مما شجعه فطلقها الثالثة, وهي ترجوه أن يعيش معها بما يرضي الله, بل كانت تصرف كل دخلها عليه لترضيه, ثم ذهب وتزوج تلك الفتاة, وتركها معلقة دون إثبات الطلاق لحوالي سنتين, إلى أن تنازلت عن حقوقها وذهبها وأغلب متعلقاتها مقابل ورقة الطلاق, وقد ذهب الآن ليحج ويعتمر دون أن يرد لها قرشًا, فهل لها حق, ولو في الآخرة؟ أم أنه إن طلق دون أسباب فلا جناح عليه, وهي تعيش في المجتمع وتدفع الثمن؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان الحال كما ذكرت فإن هذا الزوج قد ظلم زوجته، ومن حقها أن تسترد كل ما أجبرها على التنازل عنه من حقوقها، قال ابن قدامة - رحمه الله - في المغني: فأما إن عضل زوجته، وضارّها بالضرب, والتضييق عليها، أو منعها حقوقها؛ من النفقة، والقسم, ونحو ذلك؛ لتفتدي نفسها منه، ففعلت، فالخلع باطل، والعوض مردود.

وإذا لم تقدر الزوجة على أخذ حقها عن طريق القضاء، فإن حقها لن يضيع عند الله يوم القيامة، ففي حديث عائشة - رضي الله عنها - عن النبي صلى الله عليه وسلم: ... وأما الديوان الذي لا يترك الله منه شيئًا فمظالم العباد بينهم القصاص لا محالة. رواه الحاكم.
وعنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ. رواه مسلم.
واعلمي أنّ الطلاق ليس شرًّا في كل الأحوال، قال تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ {النساء: 130}.

قال القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: أي: وإن لم يصطلحا, بل تفرقا, فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيّض للرجل امرأة تقر بها عينه، وللمرأة من يوسع عليها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني