الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضوابط جواز رواية ونشر الأحاديث الضعيفة

السؤال

ما حكم إرسال فيديو تزكية دون التأكد من الأحاديث التي تذكر فيه؟ كما أن الآنسة التي تعطينا دروس تزكية تذكر أحاديث ضعيفة في بعض الأحيان وأحيانا تذكر الحديث بطريقة خاطئة ـ أي مع كلمات خاطئة حسب ما تتذكر منه ـ وأرسل لها أنني وجدت أن هذا الحديث ضعيف، أو أن الحديث الذي ذكرت غير موجود بهذه الكلمات، وأرسل لها الحديث الذي أرادت مع إسناده، فهل ما أفعله صحيح؟ وماذا عليَّ أن أفعل؟ مع أنني ذكرت لها الفتوى التي تقول إن من يقول أحاديث ضعيفة ولا يبين أنها ضعيفة يدخل في الذين يكذبون على الرسول صلى الله عليه وسلم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن على المؤمن أن يتحرى فيما ينقله من أحاديث منسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقد جاء الوعيد الشديد على نشر الأحاديث المكذوبة، كما جاء في الحديث: مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يرَى أَنَّهُ كَذِبٌ، فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ. أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه.

وأبواب التزكية والمواعظ وإن رخص العلماء في رواية الأحاديث الضعيفة فيها من حيث الجملة، إلا أن لذلك ضوابط وشروطا، قال السيوطي في ألفيته:

ومن روى متنا صحيحا يجزم * أو واهيا أو حاله لا يعلم

بغير ما إسناده يمرض وتركه بيان ضعف قد رضوا

في الوعظ أو فضائل الأعمال * لا العقد والحرام والحلال

ولا إذا يشتد ضعف ....

قال الأثيوبي في شرحه: وحاصل المعنى: أن من أراد رواية أو كتابة حديث ضعيف أو مشكوك في صحته بغير سنده فعليه أن يرويه أو يكتبه بصيغة التمريض، كأن يقول: روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو بلغنا عنه، وما أشبه ذلك، لئلا يغتر به من لا يعرفه لو ذكره بصيغة الجزم، وقيد بقوله: بغير إسناده ـ إشارة إلى أنه إذا ذكره مع الإسناد لا يلزمه ذلك للاكتفاء بالإسناد، لكن قدمنا أن مجرد ذكر الإسناد لا يكفي في البراءة عن العهدة في هذه الأزمان المتأخرة لقلة من يعرف حال السند، فذكره وعدمه لا يجدي شيئا، فلا بد من بيان حال الحديث ـ ثم قال: والحاصل: أن بعض العلماء جوزوا التساهل في الأسانيد ورواية غير الموضوع من أنواع الحديث الضعيف من غير بيان ضعفها فيما سوى العقائد والأحكام الشرعية كالمواعظ والقصص وفضائل الأعمال وسائر فنون الترغيب والترهيب ـ ثم قال: ذكر في النظم من شروط قبول الضعيف شرطين فقط: كونه في الفضائل ونحوها، وأن لا يشتد ضعفه، وبقي عليه شرطان: أن يندرج تحت أصل معمول به، وأن لا يعتقد عند العمل به ثبوته، بل يعتقد الاحتياط، ذكرهما العز بن عبد السلام وابن دقيق العيد. اهـ.

فالخلاصة أن رواية الحديث الضعيف في الفضائل دون بيان ضعفه إنما محله الأحاديث غير شديدة الضعف، مع ذكرها بأسانيدها، أو بصيغة التمريض، لكن في هذا الزمن لعدم تمييز الناس فلا بد من بيان الضعف، ولا يكفي ذكر الإسناد مجردا.

وعليه؛ فمقاطع التزكية إن كانت لعلماء ودعاة ثقات معروفين بالعلم، ولا يعرف عنهم ترويج الأحاديث الواهية فلا حرج على المرء في نشرها دون تأكد مما فيها من أحاديث، وأما إن كانت المقاطع لمن يروج الأحاديث الواهيات فالذي ينبغي الكف عن نشرها، حتى يتثبت المرء من الأحاديث المذكورة فيها، وما تصنعينه من تنبيه المدرسة على ضعف الأحاديث التي تذكرها وخطئها في ألفاظها أمر حسن تشكرين عليه، وهو من النصيحة المأمور بها شرعا، وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 131582.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني