الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المكس...تعريفه...وحكمه

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
لقد ورد ذكر المكاس في غير ما حديث ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفي بلدنا يطلق اسم المكاس على الرجل الذي يقوم على باب السوق أو يطوف بالتجار الموجودين بالسوق ويلزمهم بدفع مبلغ معين من المال مقابل عرض سلعتهم بهذا السوقمع العلم أن هذا السوق يكون قد اكتراه من البلدية أو الدولة فهل هذا الفعل هو المكس الذي ذكره رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟ أم لا؟وما الحكم الشرعي في هذا العمل ( أي اكتراء سوق من جهة ما ثم إلزام الناس بدفع مال مقابل عرض وبيع السلع بهذا السوق؟) وما تعريف المكاس شرعا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن المكس لغة -كما قال صاحب عون المعبود: هو النقص والظلم. واصطلاحاً: هو الضريبة التي يأخذها الماكس وهو العشار -ثم قال- وفي شرح السنة: صاحب المكس هو الذي يأخذ من التجار إذا مروا به مكسا باسم العشر.
وأما الساعي الذي يأخذ الصدقة، ومن يأخذ من أهل الذمة العشر الذي صولحوا عليه فهو محتسب ما لم يتعد، فيأثم بالتعدي والظلم.

فإذا كان التجار هم الذين استأجروا محلات السوق من البلدية أو من مالكها الشرعي فلا يجوز لهذا الرجل بعد ذلك أن يأخذ منهم زيادة ظلماً دون مقابل، فهذا هو المكس المحرم شرعاً، بل هو من كبائر الذنوب ففي صحيح مسلم عن بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في المرأة الغامدية التي زنت ثم تابت قال: والذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له.
قال النووي: فيه أن المكس من أقبح المعاصي والذنوب الموبقات.
وسواء كان يأخذ ذلك على شكل ضرائب باسمه أو باسم جهة أخرى رسمية أو غيرها، إلا إذا فرضت الدولة رسوماً على التجار والأغنياء في حالة عجزها عن توفير الخدمات العامة ومصالح المسلمين كبناء المدارس والمستشفيات والطرق، ففي هذه الحالة -إذا علمنا أنها تصرف فيما أخذت له- فيجب على المسلم أن يؤدي ما فرض عليه إلا إذا كان فيه إجحاف به لأنه من باب التعاون على البر والتقوى، وراجع الفتوى رقم:
592.
كما لا حرج في جمع ذلك وأما إذا كان الشخص الذي يأخذ المال من التجار هو الذي استأجر السوق من البلدية أو من مالكه الأصلي فمن حقه أن يطلب عوضاً ممن عرض بضاعته في هذا السوق، ولعل هذا من الوضوح بحيث لا يقصده السائل.
والحاصل: أن المكس من كبائر الذنوب ولا يجوز للمسلم أن يرتكبه باسمه الشخصي أو باسم الدولة، وأن الماكس هو الذي يأخذ أموال الناس ظلماً، وأن ما تأخذه الدولة لمصلحة المسلمين العامة لا يعتبر مكساً إذا عجزت الخزانة العامة عن القيام بهذه المصالح، ولم يكن هنالك تسيب أو سوء استخدام في المال العام.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني