الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفنيد الزعم بأن صيام يوم قبل عاشوراء وصيام يوم بعده يدخل في البدعة

السؤال

علمنا أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال بعد أن صام عاشوراء: إنه سيصوم التاسع في العام المقبل, وقال مرة: إنه سيصوم يومًا قبله أو يومًا بعده, وهذه عبادة توقيفية, فمن المفترض أن من صام التاسع والعاشر والحادي عشر فإنه يكون قد ابتدع, ومع هذا نجد كبار المشايخ - كابن عثيمين - يقولون بجواز أن يصوم المسلم الأيام الثلاثة, ولكن الأفضل أن يتبع السنة, ويصوم التاسع والعاشر, فأرى ذلك تناقضًا مع مفهوم البدعة الذي نعرفه, ففسروا لنا ذلك.

الإجابــة

الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنحن أولًا نحذر من الغلو في إطلاق وصف البدعة، فإن إخراج ما هو من الدين عن أن يكون منه لا يقل خطرًا عن إدخال ما ليس منه فيه، وليس لآحاد الناس أن يستقلوا بالفهم والاستنباط, وإنما المرجع في ذلك إلى الحذاق من أهل العلم، وقد نص جمع من أهل العلم على أن الأولى في عاشوراء أن يصام قبله يوم وبعده يوم، وانظر الفتوى رقم: 45493، وممن ذكر هذا الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - ولم يقل إن الاقتصار على صوم يومين أفضل, بحسب ما اطلعنا عليه من كلامه، قال - رحمه الله -: ذكر بعض أهل العلم أن صيام عاشوراء له ثلاث حالات: الحال الأولى: أن يصوم يومًا قبله أو يومًا بعده.

الحال الثانية: أن يفرده بالصوم.

الحال الثالثة: أن يصوم يومًا قبله ويومًا بعده.

وذكروا أن الأكمل أن يصوم يومًا قبله, ويومًا بعده، ثم أن يصوم التاسع والعاشر، ثم أن يصوم العاشر والحادي عشر، ثم أن يفرده بالصوم. انتهى.

ولم يتعقبه الشيخ. بل أقره، وقد ورد في بعض روايات حديث ابن عباس: صوموا يومًا قبله, ويومًا بعده . ساق البيهقي في سننه بسنده إلى ابن أبي ليلى عن دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صُومُوا يَوْمَ عَاشُورَاءَ, وَخَالِفُوا فِيهِ الْيَهُودَ, صُومُوا قَبْلَهُ يَوْمًا, أَوْ بَعْدَهُ يَوْمًا.

قال البيهقي: هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ الْمُقْرِئِ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدَانَ: صُومُوا قَبْلَهُ يَوْمًا, وَبَعْدَهُ يَوْمًا. وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ ابْنُ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى: قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ. انتهى.

وصوم الحادي عشر زيادة خير، والصوم في المحرم مشروع, فمهما أكثر العبد منه فهو حسن، فكيف يتصور بعد هذا أن صيام الأيام الثلاثة يدخل في حد البدعة، هذا لا شك وهم وغلط ظاهر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني