الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شرح حديث: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال اقرأ..

السؤال

ما هو شرح حديث: قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال اقرأ، قلت ما أنا بقارئ؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما سألت عنه جزء من الحديث الصحيح المتعلق ببدء الوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم, وقد شرحه القسطلاني في إرشاد الساري على صحيح البخاري، حيث قال: فجاءه الملك ـ جبريل ـ فقال: اقرأ، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما أنا بقارئ ـ ما نافية واسمها أنا وخبرها بقارئ، أي ما أحسن أن أقرأ: قال فأخذني ـ جبريل ـ فغطني، أي ضمني وعصرني: حتى بلغ مني الجهد ـ بفتح الجيم والنصب، أي بلغ الغط مني الجهد وبضم الجيم والرفع أي بلغ الجهد مبلغه: ثم أرسلني فقال: اقرأ، قلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني، فقال: اقرأ، قلت: ما أنا بقارئ فأخدني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ـ وإنما فعل به ذلك ليفرغه عن النظر إلى أمر الدنيا ويقبل بكليته إلى ما يلقي إليه. انتهى.

وفي مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: قال: ما أنا بقارئ، أي: لا أحسن القراءة، ولم أتعلم القراءة كما هو المعتاد فيمن يقرأ، قال: فأخذني فغطني ـ بتشديد الطاء أي: عصرني، قيل: الغط في الأصل المقل في الماء والتغويص فيه، على ما في النهاية وغيره، ولما كان الغط مما يأخذ بنفس المغطوط استعمل مكان الخنق، وفي بعض الروايات فخنقني، أقول: الأظهر أن الغط هو العصر إما من جهة البطن أو الظهر، لكن شدته ربما تضيق النفس، فيشابه حالة الخنق، فعبر عنه بالخنق، وهذا المعنى أولى وأخلق، وفي شرح مسلم قالوا: والحكمة في الغط شغله عن الالتفات والمبالغة في أمره بإحضار قلبه لما يقوله، وإنما كرره ثلاثا مبالغة في التنبيه, ففيه أنه ينبغي للمعلم أن يحتاط في تنبيه المتعلم، ويأمره لإحضار قلبه، وحاصل المعنى عصرني عصرا شديدا: حتى بلغ مني الجهد ـ بضم الجيم ويفتح بالرفع وينصب، قال النووي: الجهد يجوز فيه فتح الجيم وضمها، وهو الغاية والمشقة، ويجوز نصب الدال ورفعها، فعلى النصب بلغ جبريل في الجهد، وعلى الرفع بلغ الجهد مني مبلغه وغايته. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني