الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم القصاص في الأعضاء ذاهبة المنفعة

السؤال

من شروط إقامة القصاص بالمثل على ما دون النفس: التماثل في الاسم، والموضع. وإذا كان الموضع ذاهب المنفعة كأن تكون يده مشلولة يسقط القصاص، وتتعين الدية.
فما الدليل على ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنلفت انتباه الأخ السائل إلى أننا قد أحصينا له أكثر من مائة وثلاثة وعشرين سؤالا معظمها على نسق سؤاله هذا...، وهذا من شأنه أن يفوت الفرصة على الأعداد الهائلة ممن لهم حاجة في السؤال عما هو أولى، وهم إليه أحوج؛ لذا فإننا ننصح الأخ السائل بترك هذا النوع من الأسئلة لحلقات الدروس العلمية.

كما نلفت انتباهه إلى أن ما سأل عنه فيه تفصيل، واختلاف بين أهل العلم لا يتسع المقام لذكره. وعلى أية حال فإن قول الله تعالى: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ {النحل:126}. يقتضي مراعاة المماثلة في القصاص، وجاء في سنن النسائي عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في العين العوراء السادة لمكانها، إذا طمست بثلث ديتها. وفي اليد الشلاء إذا قطعت بثلث ديتها. وفي السن السوداء إذا نزعت بثلث ديتها. حسنه الألباني.

وروى البيهقي في السنن عَنِ الزُّهْرِيِّ: فِي أَعْوَرٍ فَقَأَ عَيْنَ رَجُلٍ صَحِيحٍ فَقَالَ: قَضَى اللَّهُ فِي كِتَابِهِ أَنَّ الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ، فَعَيْنُهُ قَوَدٌ، وَإِنْ كَانَ بَقِيَّةُ بَصَرِهِ، وَأَمَّا إِذَا فُقِئَتْ عَيْنُ الْأَعْوَرِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَيْنِ بِخَمْسِينَ، وَهِيَ نِصْفُ دِيَةٍ، وَعَيْنُ الْأَعْوَرِ لَا تَعْدُو أَنْ تَكُونَ عَيْنًا.
وفي مصنف عبد الرزاق أَنَّ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ «اجْتَمَعَا عَلَى أَنَّ الْأَعْوَرَ إِنْ فَقَأَ عَيْنَ آخَرَ فَعَلَيْهِ مِثْلُ دِيَةِ عَيْنِهِ» وَذَكَرَ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: أَقَامَ اللَّهُ الْقِصَاصَ فِي كِتَابِهِ: {الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} [المائدة: 45]، وَقَدْ عَلِمَ هَذَا، فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ نَسِيًّا.
وفيه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ عُمَرَ قَضَى فِي الْيَدِ الشَّلَّاءِ، وَالْعَيْنِ الْقَائِمَةِ الْعَوْرَاءِ، وَالسِّنِّ السَّوْدَاءِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ثُلُثَ دِيَتِهَا»
وروى مالك في الموطأ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: فِي عَيْنِ الأَعْوَرِ الصَّحِيحَةِ إِذَا فُقِئَتْ عَمْدًا: فَإِن أَحَبَّ اسْتَقَادَ، وَإِنْ أَحَبَّ أَخَذَ الْعَقْلَ.
وقَالَ مَالِكٌ في الموطأ: قال مالك: الأمر عندنا في العين القائمة العوراء إذا طفئت، وفي اليد الشلاء إذا قطعت أنه ليس في ذلك إلا الاجتهاد، وليس في ذلك عقل مسمى.
وانظر مذاهب أهل العلم حول هذا الموضوع في الفتويين: 72252، 211210.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني