الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم استعمال المكياج وأثره على الوضوء

السؤال

ما حكم استخدام المكياج؟ وهل يؤثر على صحه الوضوء؛ لأن معظم المكياج توجد به لمعة، ومن الصعب التأكد من خلو الوجه منها حتى بعد الغسل؟
سألت مدرسة للفقه فقالت لي إنها تعتقد أنه معفو عنها.
فما حكمها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فأما عن حكم وضع المكياج، فإنه يجوز للمرأة أن تستعمله، وتتزين به بثلاثة شروط:

أولها: أن لا تظهر به أمام من لا يحل لها أن تبدي زينتها أمامه؛ لقول الله تعالى { ... وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ... } الآية 31 : سورة النور.

وثانيها: أن لا تفعله على وجه فيه تشبه بالكافرات والفاجرات؛ لحديث: مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ. رواه أحمد وأبو داوود.

وثالثها: أن لا يكون في استعماله ضرر على البشرة؛ لحديث: لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ. رواه ابن ماجه.

وننبه إلى أن ما شاع من ظهور النساء بالمكياج أمام الرجال الأجانب، لا يجوز؛ لأنه من إظهار الزينة لمن لا يحل. فالواجب على المسلمة أن تتقي الله تعالى.

جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: لا مانع من تزين المرأة بوضع المكياج على وجهها، والكحل، وإصلاح شعر رأسها على وجه لا تشبه فيه بالكافرات، ويشترط -أيضا- أن تستر وجهها عن الرجال الذين ليسوا محارم لها .. اهــ.

وأما عن أثر المكياج على الوضوء، فالمكياج مثل الظل، والكحل، وأحمر الشفاه ونحوها إذا كان مجرد لون فقط، ولا يشكل طبقة على الجسم تمنع وصول الماء، فليس بحائل، وبالتالي فيصح الوضوء مع وجوده، وما كان من المكياج له طبقة تمنع وصول الماء، فلا يصح الوضوء مع وجوده، ولا يُعفى عن شيء منه ما دام يمنع وصول الماء وأمكن إزالته.

سئل الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى: هل المكياج يمنع وصول الماء أثناء الوضوء؟ بمعنى هل يجب أن نزيل هذا المكياج عند كل وضوء؟
فأجاب بقوله: إذا كان المكياج له جسم، يمنع الماء، يزال، وإن كان ليس له جسم بل هو مجرد صبغ، لا يكون له جرم، فلا يلزم إزالته، أما إذا كان له جسم يحصل له منع، يعني يمنع الماء، فهذا يجب أن يزال من الوجه، وهكذا من الذراع، إذا كان فيه شيء كالعجين يزال، أما إذا كان الشيء مجرد صبغ ليس له جسم ولا جرم، هذا ما تجب إزالته ... اهــ.

وما ذكرته من أن " معظم المكياج به لمعة ومن الصعب التأكد من خلو الوجه منها حتي بعد الغسل " نقول فيه إنه يُنظر في تلك اللمعة هل هي عازلة أم لا؟ ويجري فيها الكلام السابق, ويكفي غلبة الظن بزوالها إن كانت عازلة للماء عند تعذر اليقين، وقد نص الفقهاء في أبواب الغسل وإزالة النجاسة على أن ( غَلَبَةَ الظَّنِّ دَلِيلٌ فِي الشَّرْعِيَّاتِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْيَقِينِ ) ونصوا على أنه لا يجب تيقن عموم الماء جميع العضو بل يكفي غلبة الظن به.

جاء في حاشية الجمل: وَلَا يَجِبُ تَيَقُّنُ عُمُومِ الْمَاءِ لِجَمِيعِ الْعُضْوِ بَلْ تَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ ... اهــ.

والمعروف أن المكياج يزول بالغسل ولا يبقى، ويوجد بعض أنواعه -وليس معظمه - من النوع العازل للماء، وهذا فيه مواد تزيله معروفة عند النساء.

وفي خصوص ما نسبته لمدرسة الفقه أنها قالت لك إنها تعتقد أن اللمعة معفو عنها.. فهذا قد قال به بعض أهل العلم إذا كانت اللمعة صغيرة جدا.

جاء في مطالب أولي النهى: ولا يضر وسخ يسير تحت ظفر ونحوه، كداخل أنفه ولو منع وصول الماء؛ لأنه مما يكثر وقوعه عادة، فلو لم يصح الوضوء معه لبينه صلى الله عليه وسلم، إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، وألحق به - أي بالوسخ اليسير ـ الشيخ تقي الدين كل يسير منع وصول الماء كدم، وعجين في أي عضو كان من البدن، واختاره قياساً على ما تحت الظفر، ويدخل فيه الشقوق التي في بعض الأعضاء. انتهى.

وانظري للفائدة الفتوى رقم: 139233، والفتوى رقم: 134465.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني