الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم التنازل عن الحق للغير بعوض

السؤال

أنا طبيب من بغداد، متخرج هذا العام، وبسبب الظرف الأمني المتدهور اضطررت للسفر إلى شمال العراق –كردستان - أنا وزوجتي، والقانون في بلدي ينص على توزيع الأطباء حسب المعدل في سنوات الجامعة، فالأعلى معدلًا في بغداد، والأقل في المحافظات، وجرت العادة أن يتم التبادل بين أطباء بغداد والمحافظات مقابل مبلغ من المال بالاتفاق بين الطرفين، فهل يعد هذا حرامًا؟ علمًا أني من الطلاب المتفوقين، وكان توزيعي في بغداد، وأردت تبديل مكاني مقابل مبلغ من المال، وإن لم أبدله فقد يأخذ مكاني شخص – ربما - لا يستحقه، وآسف على الإطالة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالذي فهمناه من هذا السؤال أن الدولة تكافئ المتفوقين وأصحاب الدرجات العليا في تخصص الطب بالعمل في العاصمة، بينما ترسل من دونهم إلى المحافظات والمناطق النائية، وتريد التنازل عن حقك في العمل بالعاصمة لغيرك، مقابل عوض مالي, وإذا كان كذلك فأهل العلم مختلفون في حكم التنازل عن مثل تلك الحقوق بعوض، وقد أجاز فقهاء المالكية الاعتياض عن حق الشفعة، كما أجازوا للمرأة أن تهب يومها لضرتها بعوض، وأجاز بعض الحنفية النزول عن الوظائف في مقابل مال، وأجازا معًا - الحنفية والمالكية - إسقاط حق الحضانة بعوض.

وهذه الحقوق ليست مالًا متقومًا فتباع، ولكن يؤخذ المال في مقابل التنازل عنها، أو يسمى في مصطلح الفقهاء: بالإسقاط، أو الفراغ، جاء في الموسوعة الفقهية: يظهر من استعمال الفقهاء لهذين اللفظين "الفراغ والإفراغ" أن المراد بهما التنازل عن حق من مثل وظيفة لها راتب من وقف، ونحوه، أو التنازل عن الخلو من مالكه لغيره بعوض، فهو بيع للمنفعة المذكورة، إلا أنه خص باسم الإفراغ، تمييزًا له عن البيع الذي ينصرف عنه الإطلاق إلى بيع الرقبة، ولعله إنما سمي فراغا لأن مالكه لا يملك رقبة الأرض، بل يملك حق التمسك بالعقار، أو بعض المنفعة، وقد وقع بهذا المعنى في كلام الشيخ عليش.

ووجه التسمية بذلك أن الفراغ الخلاء، والإفراغ الإخلاء، فالمتنازل يفرغ المحل من حقه ليكون الحق لغيره.

وعلى هذا: فإنه لا حرج عليك في تنازلك عن ذلك الحق بعوض.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني