الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سب الزوجة لزوجها واتهامها له إثم مضاعف

السؤال

ما قولكم في زوجة تسب زوجها وتعيره وترى أنه ظلمها بمعاملته وضيع حقوقها وتسبب في أمراضها بشكل مباشر أو غير مباشر ثم تتهمه بالقيام ببعض أعمال السحر والشعوذة للبحث عن الكنوز المخبوءة واستعمال الجن لذلك. وهي تظن أن عمله هذا أدى إلى إصابتها بالمس والصرع. وهي فعلا تصاب به. وهي تقول إن خروج الزوج أو دخوله البيت أو لمسه لكتفها يجعلها مريضة. وهي أيضا لديها فعلاً أمراض عضوية. إن الزوج ينكر إدعاءها. وهذا الجدال إنما يكون حاضرا بقوة في فترات التوتر ومرض الزوجة. حيث إن الزوجة أحيانا تؤكد أن زعمها صحيح وأحيانا أخرى تقول الله أعلم. ونحن أبناءها لا نرى أنه يمارس سحرا وربما ذهابه إلى المشعوذين هو للتحصن وطلب العلاج للزوجة. كما أنه كان يتعامل معهم للبحث عن الكنوز ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

ففي هذا السؤال ثلاث نقاط:
النقطة الأولى: هي سب هذه المرأة لزوجها وتعييرها له واتهامه بسوء عشرتها، وهذا محرم عليها لأن سباب المسلم فسوق، كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم. ويشتد الأمر إذا كان المسبوب له حق خاص على الساب، كالزوج والأب ونحو ذلك، والواجب على هذه المرأة هو أن تطيع زوجها في المعروف، وتسعى لإرضائه بشتى الطرق والوسائل المباحة، ومعالجة ما قد يحصل منه من أخطاء برفق وحكمة حتى تقوم الحياة الزوجية على المودة والرحمة، وينشأ الأولاد نشأة صالحة، وأما السب والشتم والإساءة فلا تزيد الأمر إلا بلاء وسوءاً، ولمزيد من الفائدة عن هذه النقطة تراجع الفتوى رقم: 1032.
والنقطة الثانية: وهي اتهام هذه المرأة لزوجها بأنه يتعاطى السحر، ويتعامل مع الجن، ويضرها بذلك، والذي ظهر لنا من السؤال أن ما اتهمته به مبني على الوهم، وذلك لأنها أحياناً تتهمه بإضرارها خصوصاً عند إصابتها بالمرض، وأحياناً تقول الله أعلم بمن يتسبب في إضرارها، وهذا خطأ منها لا يجوز لها الإقدام عليه، إلا بعد البحث والتثبت مما يفعله زوجها حتى لا تقول ما لا تعلم، وتفسد ما بينها وبين زوجها بأوهام لا حقيقة لها.
والنقطة الثالثة: وهي إتيان هذا الرجل إلى المشعوذين والكهان والسحرة لأجل العلاج أو البحث عن الكنوز وغير ذلك.
وهذا محرم لا يجوز لأن إتيان الكاهن أو الساحر وسؤاله وتصديقه فيما يخبر به من أمر الغيب كفر والعياذ بالله، ففي مسند أحمد ومستدرك الحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه فيما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد.
وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوماً. فالواجب على هذا الشخص أن يتقي الله تعالى، ويكف عما هو فيه من إتيان هؤلاء المشعوذين والسحرة، وليعلم أن السعي في التداوي عندهم لا يؤدي إلا إلى زيادة المرض والبؤس.
وعليه أن يأخذ العلاج بالطرق الشرعية كأخذه من الأطباء، وأهل الخبرة والاختصاص، ومن القرآن الكريم فهو شفاء للقلوب والأبدان، كما قال الله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً [الإسراء:82].
وكذا بالأدعية النبوية الصحيحة، وأخيراً ننصح هذا الرجل وزوجته وأولادهما أن يتقوا الله تعالى، ويصلحوا ذات بينهم، ويسألوا أهل العلم عن كل ما أشكل عليهم قبل أن يقدموا عليه.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني