الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
أنا رجل متزوج، وفي يوم حدثت مشكلة بيني وبين زوجتي، وكانت في حالة غضب شديد، وكانت تردد وتلح علي بأن أطلقها، وأنا أرفض ذلك. وعندما ألحت علي كثيرا نطقت بالطلاق، وأنا في حالة غضب، ولا أنوي أن أطلقها، وليس في نفسي ذلك. فهل يعتبر هذا طلاقا؟
وهل يجوز الطلاق على الهاتف؟ مع العلم أني طلقت على الهاتف وأنا في حالة غضب، ولا أدري كيف نطقتها، وذلك بسبب شدة غضبها وصراخها، مع العلم أنني كنت أعتقد أنه لا يحتسب طلاق على الهاتف، ولا أعلم ذلك.
وفي مرة كنت في حالة غضب شديد جدا، وكنت في السيارة، وكنت في نزاع قوي مع زوجتي، وكان سيحدث حادث من شدة غضبي، وفي لحظة عصبية وأنا أقود ضربت زوجتي بيدي، وصرخت بشدة، فنطقت بالطلاق وأنا غير منتبه. هل تحسب طلقة؟
وأريد أن ألفت انتباهك إلى أن المرة الأولى فقط هي التي أذكرها، أما الطلقتان السابقتان فلا أذكرهما، ولا أعلم أني طلقت من قبل، وذلك بسبب مرضي ونسياني للأمور. وعندما طلقت كنت أعتقد أنها المرة الأولى، ولكن ذكرتني زوجتي بأني طلقت من قبل.
فما حكم ذلك؟
وإذا وقع ماذا علي أن أفعل، مع العلم أن لي أطفالا وأريد أن تبقى أمهم لرعايتهم. فهل يجوز ذلك وهل لها عدة؟
اعذرني على طول الأسئلة، ولكن أرجو المساعدة، ضروري.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كنت تلفظت بالطلاق حال غضب شديد غلب على عقلك فأفقدك الإدراك، فطلاقك غير نافذ، وأما إن كان الغضب لم يبلغ الحد الذي يغلب على العقل ويفقد الإدراك، فطلاقك نافذ، وانظر الفتوى رقم: 98385
ولا أثر لكونك تظن أنها الطلقة الأولى أو الثانية، وإذا لم تكن ذاكراً للطلاق، فلا يلزمك الأخذ بقول زوجتك إلا إذا غلب على ظنك صدقها.

ففي الفتاوى الفقهية الكبرى للهيتمي -رحمه الله- (باختصار): وسئل عن شخص أخبرته امرأة أو امرأتان وقع في قلبه صدقها، أو صدقهما بأنه طلق زوجاته، لكن لم يتذكر ذلك ......... (فأجاب) بقوله: لا يلزمه فراق بمجرد الإخبار المذكور، إلا إذا وقع في قلبه صدق المخبر..... "

وإذا كنت قد استكملت ثلاث تطليقات، فقد بانت منك زوجتك بينونة كبرى، ولا سبيل لك إليها إلا إذا تزوجت زوجا غيرك –زواج رغبة لا زواج تحليل- ثم يطلقها الزوج الجديد بعد الدخول، أو يموت عنها وتنقضي عدتها منه.
أما إذا كنت طلقتها دون الثلاث، فلك مراجعتها قبل تمام عدتها، ولمعرفة ما تحصل به الرجعة شرعا راجع الفتوى رقم: 54195 وبعض أهل العلم يرى أن الطلاق في الغضب الشديد غير نافذ ولو لم يصل الغضب إلى الحد الذي يفقد الإدراك؛ وانظر الفتوى رقم: 1496 والذي ننصحك به أن تعرض مسألتك على المحكمة الشرعية، أو على من تمكنك مشافهته من أهل العلم الثقات.
كما ننصحك بمجاهدة نفسك لاجتناب الغضب الشديد، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْصِنِي. قَالَ: لَا تَغْضَبْ، فَرَدَّدَ مِرَارًا قَالَ: لَا تَغْضَبْ. رواه البخاري.

قال ابن رجب: فهذا يدل على أن الغضب جماع الشر، وأن التحرز منه جماع الخير.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني