الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم دخول الحائض المسجد لحضور حلقات العلم

السؤال

هل يجوز الذهاب للحرم النبوي لحضور حلقات العلم، وأنا في نهاية الدورة الشهرية، وآمن تلويث المسجد؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز للحائض المكث في المسجد في قول جمهور أهل العلم، سواء أمنت تلويثه أم لا، وسواء كانت في أول الحيض أم آخره، ويدل للمنع قوله صلى الله عليه وسلم: إني لا أحل المسجد لحائض، ولا جنب. رواه أبو داود وغيره.

قال ابن سيد النَّاسِ: وَلَعَمْرِي إنَّ التَّحْسِينَ لَأَقَلُّ مَرَاتِبِهِ؛ لِثِقَةِ رُوَاتِهِ، وَوُجُودِ الشَّوَاهِدِ لَهُ مِنْ خَارِجٍ، فَلَا حُجَّةَ لِأَبِي محمد - يعني ابن حزم - في رده.

قال الشوكاني: وَالْحَدِيثَانِ يَدُلَّانِ عَلَى عَدَمِ حِلِّ اللُّبْثِ فِي الْمَسْجِدِ لِلْجُنُبِ، وَالْحَائِضِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَكْثَرِ، وَاسْتَدَلُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَبِنَهْيِ عَائِشَةَ عَنْ أَنْ تَطُوفَ بِالْبَيْتِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَالَ دَاوُد، وَالْمُزَنِيِّ، وَغَيْرُهُمْ: إنَّهُ يَجُوزُ مُطْلَقًا، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ: إنَّهُ يَجُوزُ لِلْجُنُبِ إذَا تَوَضَّأَ لِرَفْعِ الْحَدَثِ، لَا الْحَائِضِ، فَتُمْنَعُ، قَالَ الْقَائِلُونَ بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا: إنَّ حَدِيثَ الْبَابِ - كَمَا قَالَ ابْنُ حَزْمٍ - بَاطِلٌ، وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَالنَّهْيُ لِكَوْنِ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ صَلَاةً، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَالْبَرَاءَةُ الْأَصْلِيَّةُ قَاضِيَةٌ بِالْجَوَازِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْحَدِيثَ كَمَا عَرَفْت: إمَّا حَسَنٌ، أَوْ صَحِيحٌ، وَجَزَمَ ابْنُ حَزْمٍ بِالْبُطْلَانِ مُجَازَفَةً، وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ فِي مِثْلِهَا. انتهى.

وقال الموفق - رحمه الله -: وَلَيْسَ لَهُمْ - يعني الجنب، والحائض، والنفساء - اللُّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: 43] وَرَوَتْ عَائِشَةُ، قَالَتْ: «جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبُيُوتُ أَصْحَابِهِ شَارِعَةٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: وَجِّهُوا هَذِهِ الْبُيُوتَ عَنْ الْمَسْجِدِ؛ فَإِنِّي لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَيُبَاحُ الْعُبُورُ لِلْحَاجَةِ، مِنْ أَخْذِ شَيْءٍ، أَوْ تَرْكِهِ، أَوْ كَوْنِ الطَّرِيقِ فِيهِ، فَأَمَّا لِغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ بِحَالٍ. انتهى.

ولمزيد الفائدة تنظر الفتوى رقم: 125899.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني