الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خصص مالا لإنفاقه في سبيل الله فهل يجوز أن يعطي والده منه؟

السؤال

كنت قد خصصت نسبة ثابتة من دخلي الشهري لإنفاقها في سبيل الله، وكنت أدخر ما يفيض عن إنفاقي من هذا المبلغ؛ لحين اطلاعي على حالة تستحق الصدقة، أو المساعدة، أو ما شابه ذلك،
والآن فقد تقاعد والدي من العمل، وقل دخله، وهو يعمل في زراعة قطعة أرض صغيرة يمتلكها؛ لتحسين دخله، وأنا لا أستطيع مساعدته في العمل في الحقل؛ لأني ليس لدي أدنى معرفة بهذه الأعمال، ولأني لست موجودًا في منزل أبي باستمرار؛ حيث أعمل في محافظة أخرى، فهل يجوز أن أخصص لأبي شهريًا مبلغًا من المال من النسبة التي وهبتها لله؛ حتى أستطيع أن أقنعه أن يترك الزراعة لكبر سنه، وعدم تحمله مشاقها - جزاكم الله خيرًا -؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فإن كنت لم تنذر التصدق بذلك المال الذي تجمعه، أو تخصصه كل شهر، وليس هو من الصدقة الواجبة - كالزكاة، أو الكفارات - فإننا لا نرى مانعًا من صرفه إلى والدك؛ لأنه والحالة هذه ليس صدقة واجبة عليك بأصل الشرع، ولا بنذر, ومن المعلوم أنه يجوز صرف الصدقة المستحبة إلى الوالدين، بل إن إعطاءهم المال من البر والإحسان إليهما.

وإذا كان والدك فقيرًا، أو مسكينًا فإنه يجب عليك أن تنفق عليه من مالك تمام نفقته, ونفقتك عليه حينئذ مقدمة على الصدقة المستحبة على من سواه من الفقراء والمحتاجين.

وأما إن كنت نذرت التصدق بذلك المال الذي تخصصه كل شهر – كما قد يفهم من قولك وهبته لله - فإنه لا يجوز دفعه لأبيك؛ لأن الصدقة الواجبة لا تُدفع للوالدين في الأصل، سواء كانت زكاة أم نذرًا أم غيرها من الصدقات الواجبة, جاء في حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح من كتب الحنفية في عدم جواز دفع الصدقة إلى الأصول: وهذا الحكم لا يخص الزكاة، بل كل صدقة واجبة - كالكفارات، وصدقة الفطر، والنذور - لا يجوز دفعها إليهم. اهـ.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني