الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية الفراق في عقد النكاح المختلف في صحته

السؤال

أنا رجل قد تزوجت من امرأة مطلقة، ثيب أربعينية، بدون ولي، وقد وكلت رجلا عدلا ليس من أوليائها عبر الهاتف بدون إشهاد على الوكالة، ثم أدار الهاتف، فقلت صيغة الإيجاب والقبول مع الوكيل، بوجود شاهدين في مجلس، والعقد لم يوثق في المحكمة، علما بأننا أنا والوكيل نقيم في بلد قانون الأحوال الشخصية له يفيد بصحة تزويج الثيب البالغة نفسها.
فهل شرعا يجب أن أطلقها، علما بأنها مسلمة غير عربية، وتحمل جنسية أوروبية، وأولياؤها لا يريدون تزويجها مني؛ لأنني لا أقيم في بلدها، وأنا من طلاب العلم الشرعي.
أرجو الإجابة على سؤالي في هذا الموقع، وإرسالها إلى بريدي إن أمكن.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الولي شرط من شروط صحة النكاح، ولا يصح إلا به؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي، وشاهدي عدل. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه الألباني. وقوله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة نكحت بدون إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل .. رواه أصحاب السنن، وصححه الألباني، وروى ابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج نفسها. قال الألباني: صحيح.

والذين اشترطوا الولاية لصحة النكاح -وهم الجمهور- لم يفرقوا بين البكر والثيب في اشتراط ذلك.
ولذا فإنا نقول: إن كان لهذه المرأة المسلمة ولي مسلم، فإن العقد باطل؛ لأنه تم بدونه، ولكن لا تعتبر هذه العلاقة زنا، وذلك مراعاة لقول من أجاز ذلك من الحنفية، ولوجود شبهة النكاح في هذا العقد، ومع كون هذا العقد فاسداً فإنه يفسخ بطلاق كما قاله كثير من أهل العلم، ولك أن تتزوج هذه المرأة بعد العدة بعقد مستوفي الأركان والشروط.
وأما إن لم يكن لها ولي مسلم، فالسلطان المسلم ولي من لا ولي له، وإذا لم يوجد سلطان، ولا ولي فإن جماعة المسلمين، ومنها المراكز الإسلامية الموجودة في الدول غير الإسلامية إذا كانت مرجعا لجماعة المسلمين، فإنها تقوم مقام القاضي.
فإذا لم يكن للمرأة ولي، ولا يوجد سلطان، فتلك المراكز هي التي ينبغي أن تتولى عقد نكاحها، ولو لم يوجد ذلك، ووكلت المرأة عدلاً ثقة ليلي عقد نكاحها لكفى ذلك، فقد أفتى العلامة ابن حجر الهيتمي- رحمه الله- في الفتاوى الفقهية الكبرى بأن المسلمة في مكان ليس فيه ولي مسلم لها، ولا قاضي للمسلمين، فإنها يتولي أمرها رجل من المسلمين. قال رحمه الله تعالى: لنا أن نتوسط ونقول إن سهلت مراجعة أحدهما أعني الولي أو الحاكم إذا غابا إلى مرحلتين فأكثر، تعينت، ولم يجز لها أن تولي عدلا يزوجها؛ لأنه إنما جاز لها ذلك للضرورة، وعند مراجعة الولي أو الحاكم إن لم يوجد الولي لا ضرورة، وإن لم تسهل مراجعة أحدهما بأن فحش بعد محلهما، وحقت حاجتها إلى النكاح، جاز لها أن تولي مع الزوج أمرها عدلا يزوجها لوجود الضرورة حينئذ، أما إذا قرب محل أحدهما بأن كان دون مرحلتين فلا يجوز لها ذلك مطلقاً. انتهى.

وتراجع الفتوى رقم: 72019 ، ورقم: 5862.
ولا يشترط لصحة الزواج توثيق عقده في المحكمة، غير أن في توثيقه أهمية في حفظ حقوق كل من الزوجين.
ويجوز أن يكون التوكيل بواسطة الهاتف كما سبق في الفتوى رقم: 56665.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني