الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قول: "تشفيني .. تميتني وتحييني" كشعار مجازي

السؤال

ما حكم قول الكلمات: "تشفيني, تميتني وتحييني" كشعار مجازي؟ وهل يعذر قائلها بالجهل إن كان فيه إثم؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا الشعار يجوز إذا سلم من توهم السامع، أو القارئ أن فيه إسنادًا للفعل حقيقة لغير الله، وكذلك أن لا يكون صادرًا ممن عرف عنه وقوعه في الألفاظ والأعمال الكفرية مما هو كفر بواح.

فإذا سلم من هذين المحظورين جاز استعماله شعارًا، أو التكلم به، وكان من المجاز العقلي، وهو: إسناد الفعل، أو ما تضمنه الفعل إلى مُلاَبسٍ له غير ما هو له بتأويل، ويمثلون لذلك بقول القائل: أنبت الربيع البقل.

قال العلامة السَّهسواني في صيانة الإِنسان عن وسوسة الشيخ دحلان: وتحقيق القول في ذلك الباب أنا لا ننكر المجاز العقلي، ولكن لا بد هناك من التفصيل، وهو أنه إذا وجد في كلام المؤمنين إسناد شيء مما يقدر عليه العبد لغير الله تعالى يجب حمله على الحقيقة، ولا يصح حمله على المجاز العقلي، كما في الأمثلة المذكورة – أي كقولهم: أكلنا، وشربنا، وباشرنا أزواجنا، وصلينا، وصمنا، وحججنا - وإذا وجد في كلام المؤمنين إسناد شيء مما لا يقدر عليه إلا الله مثل فلان شفاني، وفلان رزقني، وفلان وهب لي ولداً يجب حمله على المجاز العقلي، ولكن لا مطلقًا، بل متى لم يصدر من ذلك المتكلم شيء من الألفاظ والأعمال الكفرية مما هو كفر بواح، وشرك قراح، وأما إذا صدر منه شيء من تلك الألفاظ والأعمال فلا يحمل كلامه على المجاز العقلي؛ إذ المؤمن بهذا اللفظ والعمل قد انسلخ من الإيمان، فلم يبق مؤمنًا، فلا وجه لهذا الحمل، ولا ريب في أن عبدة الأنبياء والصالحين يصدر منهم من الألفاظ والأعمال ما هو كفر صريح، كالسجدة، والطواف، والنذر، والنحر، ونحو ذلك.

على أنا نقول: إذا قال أحد من عبدة الأنبياء والصالحين: يا فلان، اشف مريضي، فما مراده؟ إن كان المراد الإسناد الحقيقي فلا ارتياب في كونه كفراً وشركاً، وإن كان المراد الإسناد المجازي بمعنى: يا فلان، كن سبباً لشفاء مريضي، أي ادع الله تعالى أن يشفي مريضي، فإن كان ذلك المدعو حياً حاضراً فليس هذا من الشرك في شيء، ولكنه لما كان موهماً للإسناد الحقيقي الذي هو شرك صريح كان حقيقاً بالترك، فإن الله تعالى قد نهانا عن استعمال اللفظ الموهم كما تقدم، وإن كان ذلك المدعو حياً غير حاضر، أو ميتاً وينادى من مكان بعيد من القبر، فهذا أيضاً شرك، فإن فيه إثبات علم الغيب لغير الله تعالى، وهو من الصفات المختصة به تعالى، وإن كان ذلك المدعو ميتاً وينادى عند قبره، فهذا ليس بشرك، ولكنه بدعة، فعلى كل حال ينبغي للمؤمن أن يجتنب دعاء غير الله، وذلك هو القول الذي لا إفراط فيه، ولا تفريط. انتهى.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني