الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رواية تقديم فاطر السموات أرجح من رواية عالم الغيب

السؤال

هل يوجد فرق بين الدعاءين:
- اللهم فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة.
-اللهم عالم الغيب والشهادة، فاطر السموات والأرض.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فكلا اللفظين وارد في السنة، كما في الحديث الذي سبق ذكره في الفتوى رقم: 103373. فقد ثبت بالوجهين، والفرق بينهما في الترتيب، والتقديم والتأخير، واللفظ الأول هو الموافق للترتيب القرآني في قوله تعالى: قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ [الزمر: 46].
وتقديم صفة العلم ثابتة في رواية أحمد والبخاري في الأدب المفرد، والنسائي في عمل اليوم والليلة، وابن حبان والبزار وابن منده في التوحيد، والبيهقي في الأسماء والصفات.

قال الطيبي في (مرقاة المفاتيح): قدم العلم هنا؛ لأنه صفة ذاتية قائمة، وقدم الفاطر في التنزيل؛ لأن المقام مقام الاستدلال. اهـ.
وقال أبو الحسن المباركفوري في (مرعاة المفاتيح): هكذا وقع بتقديم العالم على الفاطر عند أحمد، والترمذي، والبخاري في الأدب المفرد، وأفعال العباد، وابن حبان، وفي بعض طرق ابن السني. ووقع عند أحمد، وأبي داود، والدارمي، والحاكم، وفي بعض الروايات لابن السني بتقديم الفاطر على العالم. ووقع عند أحمد بالشك أنه قال: اللهم فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة. أو قال: اللهم عالم الغيب والشهادة، فاطر السموات والأرض. والجزم مقدم على الشك. ورواية تقديم الفاطر أرجح لموافقتها لحديث عبد الله بن عمرو عند أحمد، والترمذي، والبخاري في الأدب المفرد، ولكونها موافقة للتنزيل. اهـ.

ومسألة التقديم والتأخير، سواء في هذا الدعاء أو غيره، مبناها على مراد المتكلم وما يقتضيه السياق، وهذا من أوجه الفصاحة العربية وقواعدها، أعني تقديم ما يستحق التقديم وتأخير ما يستحق التأخير، بحسب غرض المتكلم ومقصده وسياق حديثه، وقد سبق لنا الإشارة إلى هذا المعنى في الفتوى رقم: 114296.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني