الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إسقاط الزوج حقه في الرجعة بعد الطلاق

السؤال

أنا مصري مقيم في المملكة وتزوجت من سعودية، وفجاْة رفعت ضدي قضية طلب فسخ نكاح ولم يجد القاضي ما يوجب الفسخ فحولت القضية إلى طلب مخالعة، فقمت بتطليقها، وعند إثبات الطلاق عند القاضي، وبعد أسبوعين من وقوعه هددتني إن لم أكتب في الصك أنني متنازل عن حقي بالرجعة، فستجنني ووعدتني بالويل والثبور، ولها من الاتصالات ما يمكنها من ضري، وفعلا أمام القاضي قمت بإثبات أنني طلقتها منذ أسبوعين وأنني أتنازل عن حق الرجعة وكتب القاضي في الصك أنه أفهمني أنه لا يمكنني إرجاعها، لأنني تنازلت عن حق الرجعة إلا أنني بحثت فوجدت أن هناك إجماعا علي أن حق الرجعة في الطلقة الرجعية مكفول للزوج حتى وإن تنازل عنه، لأن التنازل مخالف لشرع الله، كما ورد في الآية.
أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فجماهير أهل العلم يرون أن الفرقة الحاصلة بالخلع أو الطلاق على مال تبين بها المرأة، فلا يملك الزوج رجعتها بغير عقد جديد، قال ابن قدامة: ولا يثبت في الخلع رجعة سواء قلنا هو فسخ أو طلاق في قول أكثر أهل العلم.

وأما الطلاق بغير عوض فتثبت فيه الرجعة في العدة، لكن اتفاق الزوجين على إسقاط الرجعة في الطلاق الرجعي بأن يطلقها طلقة بائنة من غير عوض، محل خلاف بين أهل العلم، قال ابن القيم رحمه الله:... فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:

فَالْأَوَّلُ: مَذْهَبُ أبي حنيفة وَإِحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْ أحمد.
وَالثَّانِي: مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ أحمد.
وَالثَّالِثُ مَذْهَبُ مالك وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ عَنْ أحمد.
وَالصَّوَابُ أَنَّ الرَّجْعَةَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى لَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى إِسْقَاطِهَا...

واعلم أنّ المسائل التي فيها منازعات لا تفيد فيها الفتوى، وإنما مردها إلى القضاء الشرعي فهو صاحب الاختصاص، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: المسائل التي فيها خصومة من الحكمة ألا يُفْتِي فيها أحد، لأنه قد يُفْتِي بحسب ما سمعه من الخصم، ويكون عند خصمه ما يدفع به الحجة، ولأنه إذا أفتى فربما يأخذ الخصم هذه الفتيا من أجل أن يحتج بها على القاضي إذا جلسوا بين يديه، مع أن المفتي لم يعلم عن دفع هذه الحجة، فأنا أشير على إخواني طلبة العلم بأنه إذا استفتاهم أحد في مسائل فيها خصومة أن يقولوا: هذه أمرها إلى القضاة، لئلا يوقعوا الناس في شر وبلاء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني