الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس لأهل الزوجة الأولى مطالبة زوج ابنتهم بتطليق الزوجة الثانية مالم يشترط في العقد

السؤال

أرجو إفادتي بما يجب علي فعله في حالتي هذه:
لقد شاهدت فتاة بالصدفة في الشارع، وكانت تسأل عن عنوان، وكانت جميلة جدا، وطلبت من الله أن يرزقني بفتاة مثلها، ومثل جمالها.
ومرت 3 سنوات تقريبا وأنا أتذكر هذه الفتاة، وأضعها في خيالي كفتاة أحلامي التي أحلم بها، إلى أن شاء القدر أن رأيت نفس الفتاة
في بيتنا برفقة صديقة أختي، وقتها أيقنت أن الله وضعها في طريقي مرة أخرى، لكي أحقق حلمي بالزواج من الفتاة التي تمنيتها يوما، وشكرت ربي.
وقمت بالسؤال عنها، وعن أهلها حتى حصلت على عنوانهم، وذهبت في يوم من الأيام وتقدمت لخطبتها، ووافق أهلها، وتمت الخطوبة والاحتفال بها على أن يتم الزواج بعد سنة من فترة الخطوبة.
كان عمر الفتاة 20 عاما، وعمري 26 عاما. بدأت هنا المشاكل، واتضح لي أن عقلها صغير جدا، وما زالت طفلة على الزواج، وأنا كنت أبحث عن الزواج السريع لحبي للإنجاب المبكر؛ لذا قررت أن أتمهل وأصبر على الفتاة حتى يصلح حالها، وعند قدوم موعد الزواج قررت أن أقوم بتأجيل زواجي سنة أخرى.
زاد تعلق الفتاة بي بشكل كبير، وأصبحت أهم شيء في حياتها لإعطائي الكثير من الحب والتقدير لها، والخوف الزائد عليها من كل شيء.
هنا بدأت المشاكل حينما أدركت أنني لا أستطيع التخلي عنها. بدأت تقوم بتقليل الاحترام شيئا فشيئا على أتفه الأسباب، وبدأت لا تستمع إلى ما أقوله لها، وما أنهاها عنه مثل الخروج الكثير مع الأصدقاء، إلى أن أصبحت تتمادى بالشتائم القبيحة عند الغضب إذا أجبرتها على عدم الخروج اليوم الفلاني من المنزل، أو عدم فعل تصرفات صبيانية لا تليق ببنت مخطوبة.
وفي يوم من الأيام تجرأت ورفعت يدها علي وصفعتني، بسبب منعها من الذهاب إلى حفلة مع صديقات لها لسن على أخلاق عالية.
وتكررت هذه الأفعال، وما كان مني إلا أني كنت أقوم بتأجيل الزواج منها لحبي لها، وحبي الشديد لأهلها؛ لأنهم كانوا يتعاملون معي وكأني ابن لهم، وكنت أقول في نفسي إنه سيأتي اليوم الذي ستتغير فيه، وتصبح راشدة. دامت فترة الخطوبة ما يقارب 3 سنوات، مع العلم أنني كنت جاهزا للزواج، ولكني كنت أنتظر التغير منها؛ لأني لا أريد أن أسوء سمعتها بتركي لها بعدما علقتها معي كل هذه الفترة، حتى أتى يوم واجتمعنا مع أهلها في المنزل وقررنا أن نعقد القران، وتم ذلك، وحددنا فترة الزفاف. وفي هذه الفترة حصلت بيننا خلوة، وقمت بالدخول بها قبل موعد الزفاف.
استمرت المشاكل السابقة ولم يتغير أي شيء حتى بعد هذه المدة.
بعد عقد قراني بشهر تعرفت على فتاة أخرى من جنسية عربية، وتم التواصل بيننا لمدة 3 أشهر إلى أن اقتنعت أن هذه هي الفتاة التي كان يجب علي الزواج بها، وقمت بإخبار خطيبتي أنني سأقوم بالزواج من هذه الفتاة أيضا، ولك أن تختاري أن تكملي، أو أن تنفصلي، ولكنها اختارت أن تكمل معي بشرط ألا يعرف أهلها عن موضوع زواجي الثاني إلا بعد زواجي بها، وقمت بالزواج من الثانية، وفتحت لها منزلا وأنا لم أتزوج بالفتاة الأولى بعد.
وفي هذه الفترة توفيت والدة خطيبتي الأولى، وتقرر تأجيل الزفاف لسنة. في هذه الأثناء كنت مع زوجتي الثانية، وكنت أعيش أجمل حياة بتفاهم، وحب واحترام، ولم أذكر أنه حصل بيننا أي سوء تفاهم، واتفقنا على الإنجاب وتم الحمل.
وزوجتي الثانية الآن في شهرها التاسع، قررت أن أذهب وأقول لأهل خطيبتي إني تزوجت، وذهبت إليهم وفتحت الموضوع وقلت لهم إنني تزوجت من أخرى، وإن زوجتي حامل وعلى وشك الإنجاب، وأنني سأقوم بالزواج من ابنتكم كما وعدت، وأن ما حصل مني كان نتيجة تراكم
هموم، ومشاكل كثيرة تحملتها سنوات، ولكنها لم تحل؛ لذا قررت أن أتزوج عندما رأيت فرقا كبيرا في التعامل. لقد كانت صدمة كبيرة لهم لأنني ما زلت خاطبا لابنتهم، وقمت بالزواج بها في السر. وتشاورا فيما بينهم، وخيروني بأن الحل الوحيد في نظرهم هو أن أقوم بتطليق زوجتي الثانية أو أقوم بتطليق ابنتهم وإعطائها حقوقها كاملة.
سؤالي: هل أنا حاليا أكون قد ظلمت الفتاة الأولى بزواجي عليها بهذه الطريقة وخلال فترة خطوبتنا؟
وهل يحق لي أن أطلقها بعد فترة 3 سنوات خطوبة، وسنة عقد قران إذا كنت لست متفاهما معها؟ وهل سأتحمل أي ذنب تجاهها مع العلم أني دخلت بها قبل الزفاف؟
أنا متفاهم جدا مع زوجتي الثانية وأرى أن حياتي معها ستكون أسعد حياة زوجية بين شخصين، وأحيانا أشعر أنني سأنحاز إلى الزوجة الثانية إذا ما قمت بالزواج من الأولى أيضا، ولكني أريد الزواج بالفتاة الأولى فقط حفاظا على مشاعرها، وخوفا عليها من ألا تجد من يتزوجها من بعد أن دخلت عليها، وبعد مرور هذا الوقت.
والمشكلة أن والدها حاليا خيرني بين ابنته، وبين زوجتي الثانية.
أفيدوني ماذا أختار وماذا أفعل كي أرضي الله أولا؟
لقد أصيب والدي بالشلل فترة زواجي بالثانية. هل هذا له علاقة بخطيبتي؛ لأنها كانت دائما تدعو علي بالسوء بعد زواجي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا حق لأهل زوجتك في مطالبتك بتطليق الزوجة الثانية، ولا ينبغي لك تطليقها ما دامت الحال بينكما مستقيمة، وزواجك من هذه المرأة ليس من الظلم للزوجة الأولى، ولا حرج فيه، وإذا لم يكن في العقد شرط بألا تتزوج عليها، فلا يحق لهم تطليقها منك بسبب زواجك عليها، وحتى إن كانوا اشترطوا ذلك فقد رضيت الزوجة بزواجك عليها، فلا حق لهم إذاً.
وإذا سألتك الزوجة الأولى الطلاق للسبب المذكور، فلا تلزمك إجابتها إليه، ولك أن تمتنع من طلاقها حتى تسقط لك مهرها أو بعضه؛ وراجع الفتوى رقم: 57024.
وإذا أردت أن تطلقها لكونها لا توافقك، فلا حرج عليك في ذلك، ولا يكون تطليقها ظلماً لها.

قال ابن قدامة –رحمه الله- عند كلامه على أقسام الطلاق: والثالث مباح: وهو عند الحاجة إليه لسوء خلق المرأة، وسوء عشرتها والتضرر بها من غير حصول الغرض بها. المغني.
لكن الذي ننصحك به ألا تطلقها، وأن تبين لأهلها أنه لا حق لهم في تطليقها، وأنه لا يحق لها الامتناع منك، ويجب عليها طاعتك. فإذا سلمت نفسها إليك، فالواجب عليك أن تعدل بينها وبين الزوجة الأخرى، وعليك أن تحذر أشد الحذر من الميل إلى إحدى الزوجتين، فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل. رواه أبو داود والترمذي.

وانظر الفتوى رقم: 28707.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني