الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب العلماء فيمن مات ولم يترك وارثا مطلقا

السؤال

الرجاء حساب الميراث بناء على المعلومات التالية:
- إضافات أخرى:
إذا توفي شخص وليس له أحد من عائلة والده، ولكن له أبناء خال وخالة. فهل لأبناء الخالة حق في ميراثه؟ وإذا كان لهم الحق فما هي القسمة الشرعية بين أخ وأخته إذا كان أولاد الخالة بنت وولد فقط؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فأولاد الخال والخالة ليسوا من الورثة، وليس لهم نصيب في تركة قريبهم الميت, وقولك: ليس له أحد من عائلة والده. هذا لا يعني أنه ليس له وارث؛ لأن من الورثة من هو من عائلة الأم كالجدة, ولذا لا ينبغي قسمة التركة إلا بعد حصر الورثة بطريقة صحيحة شاملة، وذلك بأن تعرض على المحكمة الشرعية، أو يشافه بها أهل العلم مباشرة؛ إذ الورثة من الرجال خمسة عشر, ومن النساء عشر، ويندر أن يهلك هالك ليس له وارث منهم.
ولكن لو فُرض أن الميت لم يترك وارثا مطلقا لا من أصحاب الفروض، ولا من العصبات، فإن تركته تنتقل إلى ذوي أرحامه. وهذا قول عمر وعلي- رضي الله عنهما- وهو مذهب الحنابلة والحنفية, والوجه الثاني عند الشافعية إذا لم ينتظم بيت المال، وهو أيضا المفتى به عند متأخريهم، ومتأخري المالكية بهذا الشرط.
والمراد بذي الأرحام: كل قريب لا يرث بفرض ولا بتعصيب, ويصرف إليهم على أنه ميراث وليس على كونه مصلحة.

قال النووي في روضة الطالبين: وهل هو إرث أم شيء مصلحي؟ فيه وجهان ..... قلت: الصحيح الذي عليه جمهور من قال من أصحابنا بتوريث ذوي الارحام، أنه يصرف إلى جميعهم على سبيل الميراث. اهــ.

وإن بقي شيء من التركة بعد أخذ أسهم من أدلوا به، فإنه يرد عليهم أيضا كما لو كان من أدلوا به حيا.

قال الروض المربع عن ميراث ذوي الأرحام: وإِن بقي من سهام المسأَلة شيء رد عليهم، على قدر سهامهم.

وإذا لم يترك الميت المشار إليه في السؤال من ذوي أرحامه إلا أبناء الخال، وبنت وابن الخالة، فإنهم يرثونه؛ لكونهم من ذوي الأرحام.

جاء في حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج: وَدَخَلَ فِي بَقِيَّةِ الْأَرْحَامِ أَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ، وَأَوْلَادُ بَنَاتِ الْعَمِّ، وَأَوْلَادُ الْخَالِ وَالْخَالَةِ .... اهــ.

والخالة تنزل منزلة الأم, وكذا الخال ينزل منزلة الأم, فكأن الميت مات عن أمه, فيكون لها الثلث ما دام أنه ليس له فرع وارث، ولا جمع من الإخوة, ويرد عليها الباقي.

والذي فهمناه من السؤال أن الميت توفي عن أبناء خال, وابن وبنت خالة, فإذا كان ما فهمناه صحيحا، فإن التركة تقسم على سهمين, سهم لأبناء الخال يقسم بينهم بالسوية, وسهم لابن وبنت الخالة يقسم بينهما بالسوية.

قال صاحب الروض: فإِن أدلى جماعة بوارث بفرض أَو تعصيب، واستوت منزلتهم منه بلا سبق، كأَولاده. فنصيبه لهم كإِرثهم منه، لكن الذكر كالأُنثى فابن وبنت لأُخت، مع بنت لأُخت أُخرى. لهذه المنفردة حق أي إِرث أُمها، وللأُوليين حق أُمهما سوية بينهما. اهــ.

ثم إننا ننبه السائل الكريم ثانيا إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً، وشائك للغاية، وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه، ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، أو مشافهة أهل العلم بها إذا لم توجد محكمة شرعية، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا، أو ديون، أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني