الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الجمع للمطر بغير المسجد

السؤال

هل يشترط لمن أراد أن يجمع بعذر المطر أن يصلي جميع الصلوات في المسجد؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد وقع الخلاف بين العلماء في هذه المسألة، فالمعتمد عند الحنابلة أنه يجوز الجمع لعذر المطر، ولو في غير المسجد، بل يجوز لمن صلى منفردًا في بيته، ولكنهم لا يجيزون الجمع للمطر إلا بين المغرب والعشاء على المعتمد عندهم، قال البهوتي - رحمه الله - في الروض: (و) يباح الجمع (بين العشاءين) خاصة (لمطر يبل الثياب) وتوجد معه مشقة .... وله الجمع لذلك (ولو صلى في بيته، أو في مسجد طريقه تحت ساباط) ونحوه؛ لأن الرخصة العامة يستوي فيها حال وجود المشقة وعدمها، كالسفر. انتهى.

وأما الشافعية: فاشترطوا على الأظهر أن يكون الجمع في مسجد، وأما من يصلي في بيته أو لا يحصل له تأذٍ بالذهاب إلى المسجد، فلا يترخص بالجمع في المطر، وهو عندهم جائز بين الظهرين، والعشاءين تقديمًا لا تأخيرًا، قال في مغني المحتاج: وَالْأَظْهَرُ) وَفِي الرَّوْضَةِ الْأَصَحُّ (تَخْصِيصُ الرُّخْصَةِ بِالْمُصَلِّي جَمَاعَةً) بِمُصَلًّى (بِمَسْجِدٍ) أَوْ غَيْرِهِ (بَعِيدٍ) عَنْ بَابِ دَارِهِ عُرْفًا بِحَيْثُ، (يَتَأَذَّى بِالْمَطَرِ فِي طَرِيقِهِ) إلَيْهِ؛ نَظَرًا إلَى الْمَشَقَّةِ وَعَدَمِهَا، بِخِلَافِ مَنْ يُصَلِّي بِبَيْتِهِ مُنْفَرِدًا، أَوْ جَمَاعَةً، أَوْ يَمْشِي إلَى الْمُصَلَّى فِي كُنَّ، أَوْ كَانَ الْمُصَلَّى قَرِيبًا فَلَا يَجْمَعُ لِانْتِفَاءِ التَّأَذِّي. انتهى.

وأما المالكية: فجوزوا الجمع بين العشاءين فقط، وشرطوا المسجد للجمع، إلا لمن يصلي في بيته، تبعًا لإمام المسجد فيترخص، وأما من لا مشقة عليهم في عدم الجمع فلا يترخصون، قال خليل في مختصره: وَفِي جَمْعِ الْعِشَاءَيْنِ فَقَطْ بِكُلِّ مَسْجِدٍ؛ لِمَطَرٍ، أَوْ طِينٍ مَعَ ظُلْمَةٍ.... وَجَازَ لِمُنْفَرِدٍ بِالْمَغْرِبِ، يَجِدُهُمْ بِالْعِشَاءِ، وَلِمُعْتَكِفٍ بِمَسْجِدٍ: كَأَنْ انْقَطَعَ الْمَطَرُ بَعْدَ الشُّرُوعِ، لَا إنْ فَرَغُوا فَيُؤَخَّرُ لِلشَّفَقِ، إلَّا بِالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ، وَلَا إنْ حَدَثَ السَّبَبُ بَعْدَ الْأُولَى، وَلَا الْمَرْأَةُ وَالضَّعِيفُ بِبَيْتِهِمَا، وَلَا مُفْرَدٌ بِمَسْجِدٍ: كَجَمَاعَةٍ لَا حَرَج عَلَيْهِ. انتهى. وتفصيل هذه المسائل مبسوط في الشروح.

وأما الحنفية: فلا يجيزون الجمع أصلًا إلا في النسك، كما هو معلوم.

فهذا تفصيل المذاهب في المسألة، ولا يخفى أن الاحتياط عدم الترخص بالجمع إلا حيث وجدت المشقة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني