الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الكافرة إذا أسلمت، وتزوجت قبل أن تستبرئ وحملت أو بعد الاستبراء

السؤال

تزوجت فتاة أجنبية بعد أن أنعم الله عليها بنعمة الإسلام، وحسن إسلامها؛ حتى إنها صارت توقظني لصلاة الفجر - والحمد لله - وعشت معها في سعادة عدة أشهر، وأراد الله أن أعرف أنها لا تزال متزوجة بزوج مشرك، وصدمت من هذا الأمر، وواجهتها بما أعرف، فأخبرتني أنها فعلًا كانت متزوجة، ولكن زوجها طردها من المنزل، وكان يعاملها بقسوة شديدة، خصوصًا بعد أن وجدها تقرأ القرآن على الحاسوب، وأخبرها زوجها السابق أنها مطلقة، وأنه لا يريدها، وألقى بها خارج المنزل، ثم التقت بي في السنة التي قضتها وحدها في إحدى ندوات النقاش الديني مع غير المسلمين، وعندما تزوجتها قدمت لي نفسها على أنها غير متزوجة، وبررت إخفائها الأمر أنها عندما أسلمت ونطقت الشهادتين أخبرها الإمام أنها لا تجوز لغير مسلم، وزواجها باطل، خاصة بعد أن أخبرها زوجها بطلاقها، رغم أنها لم ترَ ورقة طلاق؛ لأنها غادرت المدينة التي كانت تعيش فيها، بعيدًا عنه، وعن جبروته، وفرارًا بدينها، ومنذ أن عرفت هذا الأمر وأنا أعيش في منزل آخر؛ لأنني أشك في أن زواجي باطل، فهل زواجي منها باطل؟ وهي الآن حامل، ولا أدري ما أفعل، فأفيدوني - رحمنا الله وإياكم، وجزاكم الله عنا كل خير -.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأمر على ما ذكر هذا الإمام من أن الكافرة إذا أسلمت، وبقي زوجها على دينه انفسخ نكاحها في الحال، وراجع في هذا الفتوى رقم: 49275.

ويجوز الزواج منها إذا انقضت عدتها بوضع الحمل إن كانت حاملًا.

وإن لم تكن حاملًا: فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الكافرة إذا أسلمت تعتد بثلاث حيضات، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم أنها تستبرأ بحيضة، وهو اختيار قوي، قال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى: فالمهاجرة من دار الكفر كالممتحنة التي أنزل الله فيها: "يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن" الآية.

قد ذكرنا في غير هذا الموضع الحديث المأثور فيها، وأن ذلك كان يكون بعد استبرائها بحيضة، مع أنها كانت مزوجة، لكن حصلت الفرقة بإسلامها، واختيارها فراقه، لا بطلاق منه. اهـ.

وبناء على هذا: فإن كان زواجك منها بعد استبرائها بحيضة، أو وضع حملها إن كانت حاملًا، وكان بإذن وليها المسلم - إن وجد - وبحضور الشهود: فهو زواج صحيح، هذا مع العلم بأن المركز الإسلامي يقوم مقام الولي عند فقده.

ولا يضر ما أخفت عنك من أمر زوجها الأول؛ فعليك حينئذ أن تحسن صحبتها، وتعاشرها بالمعروف، وتحرص على تعليمها دينها.

وإن تم الزواج قبل استبرائها، فهو: زواج باطل، ويجب عليها أن تعتد منك، ولا تتداخل العدتان، كما وضحنا في الفتوى رقم: 36089.

وفي لحوق نسب هذا المولود في هذه الحالة تفصيل سبق بيانه في الفتوى رقم: 74761.

وفي حال الرغبة في استمرار الزوجية يجب تجديد العقد على الوجه الصحيح.

وإن لم يكن للمرأة ولي من أهل دينها: يزوجها القاضي المسلم، أو من يقوم مقامه - كالمركز الإسلامي، كما أسلفنا -.

فإن لم يتوفر: توكل رجلًا عدلًا من المسلمين، وانظر الفتوى رقم: 187583.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني