الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى حديث: أول شيء يرفع من هذه الأمة الخشوع..

السؤال

ما معنى أن أول ما يرفع من الناس الخشوع؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد روى الطبراني عن أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أول شيء يرفع من هذه الأمة الخشوع حتى لا ترى فيها خاشعا. قال الألباني: حسن صحيح.

وقد بيّن عبادة بن الصامت ـ رضي الله عنه ـ علامة ارتفاع الخشوع وهي توضح معناه، وأولى ما فسرّ كلام النبيّ صلى الله عليه وسلم به بعد كلامه كلام أصحابه ـ رضوان الله عليهم ـ فهم أعلم الناس بمراده، ففي جامع الترمذي، وصححه الألباني: عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ أنه قال له: إِنْ شِئْتَ لَأُحَدِّثَنَّكَ بِأَوَّلِ عِلْمٍ يُرْفَعُ مِنَ النَّاسِ؟ الخُشُوعُ، يُوشِكُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَلَا تَرَى فِيهِ رَجُلًا خَاشِعًا.

وفي رواية مسند أحمد، وصححها الأرنؤوط بإسناد قوي من طريق جبير بن نفير عن شداد بن أوس أنه سأله: هَلْ تَدْرِي مَا رَفْعُ الْعِلْمِ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا أَدْرِي، قَالَ: ذَهَابُ أَوْعِيَتِهِ.

فدل على أن المراد بالارتفاع موت الخاشعين، وأما المراد بالخشوع: فقد بينه الإمام الطحاوي في مشكل الآثار فقال: وَالْخُشُوعُ ـ الَّذِي أَرَادَ شَدَّادٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَاللهُ أَعْلَمُ ـ هُوَ الْإِخْبَاتُ وَالتَّوَاضُعُ وَالتَّذَلُّلُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

وقال مبينا وقت هذا الارتفاع وأنه بين يدي الساعة من خلال الجمع بين الأحاديث المتعلقة بالموضوع، فقال بعد أن سردها: فَفِيمَا رَوَيْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ أَوَانَ رَفْعِ الْعِلْمِ هُوَ عَلَى زَمَانٍ لَمْ يَكُنْ حِينَ قَالَ رَسُولُ اللهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيهِ مَا قَالَ، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى زَمَانٍ يَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ، فَقَدِ اتَّفَقَتْ آثَارُ رَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ كُلُّهَا الَّتِي رَوَيْنَا فِي هَذَا الْبَابِ وَيَصْدُقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَبِاللهِ التَّوْفِيقَ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني