الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من طلق خطيبته ثلاث طلقات ويريد إرجاعها

السؤال

ما هو حكم من طلق خطيبته، وبعد ذلك أراد أن يراجعها. وكان قد طلقها 3 طلقات، مع العلم أنه طلق خطيبته وهو غاضب غضبا شديدا، مع العلم أيضا أنه لم يدخل بها؟
شكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان المقصود بالخطيبة المرأة المخطوبة التي لم يعقد عليها، فهذه لا يقع عليها طلاق.

قال ابن قدامة -رحمه الله-: فأما غير الزوج، فلا يصح طلاقه، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الطلاق لمن أخذ بالساق» وروى الخلال بإسناده عن علي أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا طلاق قبل نكاح». الكافي في فقه الإمام أحمد.

وأما إن كان المقصود بالخطيبة المعقود عليها التي لم يدخل بها، فهذه طلاقها بائن، لا يملك الزوج فيه رجعة إلا بعقد جديد إن كان الطلاق دون الثلاث، أما إذا طلقها ثلاثاً، فإنها تبين بينونة كبرى، فلا تحل له إلا إذا تزوجت زوجاً غيره -زواج رغبة لا زواج تحليل- ويدخل بها الزوج الجديد، ثم يطلقها، أو يموت عنها، وتنقضي عدتها منه.
والراجح عندنا أنّ طلاق غير المدخول بها يكون ثلاثاً إذا وقع بلفظ الثلاث، كقول الزوج: أنت طالق ثلاثاً، أو بألفاظ متوالية ليس بينها فصل، كقوله: طالق، طالق، طالق، ونوى به الثلاث.
قال ابن قدامة -رحمه الله-: وإن طلق ثلاثا بكلمة واحدة، وقع الثلاث، وحرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره، ولا فرق بين قبل الدخول وبعده. روي ذلك عن ابن عباس، وأبي هريرة، وابن عمر، وعبد الله بن عمرو، وابن مسعود، وأنس وهو قول أكثر أهل العلم من التابعين والأئمة بعدهم.

وقال: فإن قال: أنت طالق، طالق، طالق. وقال: أردت التوكيد. قبل منه؛ ....... وإن قصد الإيقاع، وكرر الطلقات، طلقت ثلاثا. وإن لم ينو شيئا، لم يقع إلا واحدة؛ لأنه لم يأت بينهما بحرف يقتضي المغايرة، فلا يكن متغايرات. وإن قال: أنت طالق وطالق وطالق. وقال: أردت بالثانية التأكيد. لم يقبل؛ لأنه غاير بينها وبين الأولى بحرف يقتضي العطف والمغايرة، وهذا يمنع التأكيد. المغني لابن قدامة.
أما إذا كرر لفظ الطلاق ولم يجعلها نسقاً واحداً، فلا يقع إلا طلقة واحدة، ويحق له الزواج منها بعقد جديد.

قال ابن قدامة –رحمه الله- في قول الزوج: أنت طالق، أنت طالق: فأما غير المدخول بها، فلا تطلق إلا طلقة واحدة، سواء نوى الإيقاع أو غيره، وسواء قال ذلك منفصلا، أو متصلا. وهذا قول أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، وعكرمة، والنخعي، وحماد بن أبي سليمان، والحكم، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي، وأبي عبيد، وابن المنذر. وذكره الحكم عن علي، وزيد بن ثابت، وابن مسعود. وقال مالك، والأوزاعي، والليث: يقع بها تطليقتان، وإن قال ذلك ثلاثا، طلقت ثلاثا، إذا كان متصلا. المغني لابن قدامة.
وهذا كله على مذهب الجمهور، أما على قول شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- فالطلاق مهما تكرر دون رجعة، أو عقد جديد، يقع واحدة، كما بيناه في الفتوى رقم: 192961
واعلم أنّ الغضب لا يمنع وقوع الطلاق إلا إذا بلغ حداً يسلب إدراك صاحبه، ويغلب على عقله، فلا يقع حينئذ؛ وراجع الفتوى رقم: 98385

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني