الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم التطهر بماء مختلط بصابون

السؤال

ما حكم بقاء أثر لزوجة الصابون، أو الحبر على اليدين أثناء الوضوء؟ وهل هذا يبطل الوضوء؟ وهل اختلاط الماء المخصص للوضوء بالصابون، أو غيره يفسد الوضوء؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان ما على اليد مما ذكر يحول دون وصول الماء إلى البشرة؛ لكونه ذا جِرم: فالواجب إزالته قبل الوضوء، فإن بقاءه يمنع صحة الطهارة.

وأما إن كان لا جرم له: فإنه لا يحول دون وصول الماء إلى البشرة، ومن ثم لا يمنع صحة الطهارة، والظاهر في الأثر المذكور أنه لا يحول دون وصول الماء إلى البشرة، وانظر الفتوى رقم: 124350.

قال النووي في الروضة: فَإِنْ بَقِيَ لَوْنُ الْحِنَّاءِ، لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعُضْوِ دُهْنٌ مَائِعٌ، فَجَرَى الْمَاءُ عَلَى الْعُضْوِ، وَلَمْ يَثْبُتْ، صَحَّ وضوؤه. انتهى.

وأما اختلاط الماء بالصابون، أو غيره: فإن كان الماء متغيرًا بالصابون، بحيث يزول عنه اسم الماء المطلق لم يصح التطهر به.

وإن كان غير متغير به، أو كان التغير يسيرًا: صحت الطهارة، وهذا قول كثير من العلماء، أو أكثرهم، وعند بعض أهل العلم أن تغير الماء بمخالطة طاهر له لا يمنع صحة التطهر به، ما لم يخرج عن اسم الماء، والأول أحوط، قال الزركشي في شرح الخرقي: ما سقط في الماء مما ذكره من الباقلاء، والزعفران، والورد، والحمص، أو غيره من الطاهرات، كالعصفر، والملح الجبلي، وورق الشجر إذا وضع فيه قصدًا، ونحو ذلك، وكان الواقع يسيرًا، فلم يوجد للواقع في الماء طعم، ولا لون، ولا رائحة، حتى أنه بسبب ذلك يضاف الماء إليه، فيقال: ماء زعفران، ونحو ذلك، فهو باق على إطلاقه فيتوضأ به؛ لدخوله تحت قَوْله تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] ونحو ذلك، وقد ثبت أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اغتسل هو وزوجته من جفنة فيها أثر عجين». ومفهوم كلام الخرقي أنه متى وجد للواقع لون، أو طعم، أو رائحة كثيرة، بحيث صار الماء يضاف إليه، زالت طهوريته، ومنع التوضؤ به، وهو إحدى الروايات، اختارها أكثر الأصحاب؛ لخروجه عن الماء المطلق، فلم يتناوله قَوْله تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] ودليل ذلك: لو وكله أن يشتري له ماء، فاشترى له هذا الماء المتغير لم يكن ممتثلًا، (والرواية الثانية) وهي الأشهر نقلًا، وإليها ميل أبي محمد - هو باق على طهوريته؛ لأن (ماء) من قَوْله تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [النساء: 43] نكرة في سياق النفي، فيشمل كل ماء، إلا ما خصه الدليل، (والرواية الثالثة) أنه طهور بشرط أن لا يجد غيره، وحيث أثر التغيير فإنما هو إذا كان كثيرًا. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني