الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعقيب على فتوى بخصوص الكوكاكولا والرد عليه

السؤال

هذا ليس سؤالًا، وإنما هو تعقيب على الفتوى رقم: "228457"، وأود أن أقول: إن كلمة كوكا كولا المكتوبة بالخط المائل على بعض العلب، والتي - كما قيل - تقرأ بالمقلوب - أستغفر الله – "لا محمد، لا مكة" وهي فعلًا تقرأ هكذا، أما مسألة كيف تقرأ بالعربية وهي إنجليزية!؟ فالمقصود من الذين نبهوا إلى هذا الأمر أن من صاغها بالخط المتعرج يبدو أنه كان متعمدًا ذلك، بدليل أنه أضاف خطًّا زائدًا ليس له علاقة بالحروف الإنجليزية، وإنما ليشكل حرف (الكاف) بالعربية عند قراءتها مقلوبة، عمومًا: حتى لو أزعجكم هذا الكلام، وترون أن الأمر إقحام باطل، وتعنت جاهل، حتى لو كان الأمر كذلك، فينبغي تجنب أسلوب السخرية بقول: (هل وصل بنا الحدس والحساسية إلى هذا الحد)، والخلاصة أن الذين قالوا بذلك أخذتهم الغيرة على الدين، وعلى المسلمين بعد أن تبين أن بعض أنواع الكوكا كولا تحتوي على مادة مأخوذة من الخنزير - أعزكم الله تعالى - وحركتهم الحمية للإسلام بعد أن اتضح أن 12% من أرباح سجائر (مارلبورو) تذهب إلى اليهود، وإذا علمنا أن العالم الإسلامي يستهلك 100 مليون دولار تبين أننا ندفع لليهود 12 مليون دولار يوميًا، وأن المنتجات التي تتعارض بعض مكوناتها مع أحكام الإسلام كثيرة، والمسلم الغريب في هذا الزمن يتحسر، وتقتله وحشة الغربة في وقت يصدر لبلاده الأعداء منتجات يتناولها إخوانه عن جهل، أو بعلم، ومنها ما يحتوي على دهن الخنزير، ومنها ما يُدفَع جزء منه للكفرة المحاربين، ولقد أدهشتني إجابة أحد المشايخ عن سؤال عن مدى صحة احتواء مشروب البيبسي، والكوكا كولا على شيء من الخنزير، فكانت الإجابة: "أن الأصل في الأشياء الإباحة، وبما أنه لم يصدر منشور رسمي بخصوص هذا الأمر، فلا نستطيع الحكم في المسألة، ويبقى حكم الإباحة" هل ينتظر هذا المفتي أن يأتيه منشور رسمي من شركة الكوكا كولا!؟ أهذه فتوى!؟ وقوله: (إن الأصل في الأشياء الإباحة) هل علم مكونات مشروب الكوكا كولا حتى يجيب بأن (الأصل في الأشياء الإباحة)!؟ أقسم بالله الواحد الأحد أن بعض الأنواع منها ما يحتوي على مادة مأخوذة من الخنزير، ويبقى السؤال: هل الجهات المشرفة على استيراد الأغذية في الدول الإسلامية تأخذ في الاعتبار هذا الأمر؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنشكر للأخ تواصله، وما ذكره من حمية وغيرة محمودة أمر، لكن لا يعني صحة الفعل الصادر عن الغيرة، فكم من مريد للخير لم يصبه.

وعلى فرض احتواء المشروب على مشتقات الخنزير، فما العلاقة بين ذلك، وبين جعل المراد بشعار المشروب (لا محمد، لا مكة)؟

وعبارة: (هل وصل بنا الحدس والحساسية إلى هذا الحد)، فقد نقلناها عن الشيخ خالد السبت، ولا يظهر لنا فيها سخرية، أو استهزاء.

وأما قاعدة: "الأصل في الأشياء الحل" فهي: مقررة عند عامة العلماء، قال ابن تيمية: لست أعلم خلاف أحد من العلماء السالفين في أن ما لم يجئ دليل بتحريمه فهو مطلق غير محجور، وقد نص على ذلك كثير ممن تكلم في أصول الفقه وفروعه، وأحسب بعضهم ذكر في ذلك الإجماع يقينًا، أو ظنًا كاليقين .اهـ. ومن أدلتها قوله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {البقرة:29}.

فلا إشكال في الاستدلال بهذه القاعدة على عدم حرمة الكوكا كولا، أو غيره مما لا نعلم فيه شيئًا مما يوجب التحريم.

والمقصود بوجود نشرة رسمية، أي: صدورها من الجهات المسؤولة عن ذلك في البلدان الإسلامية، لا من شركة الكوكاكولا، وبعض هذه الجهات له مصداقية فيما يصدره من اعتماد للمنتج، أو رفضه.

وعى كل: فمن أخذ بالورع، وامتنع عن شراب ما يظن اختلاطه بالمحرم، فهذا أمر حسن، لكن الجزم بالتحريم يحتاج إلى دليل ينقل عن الأصل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني