الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خلاف العلماء في زكاة العسل ومقدار نصيب الزكاة فيه

السؤال

هل في العسل زكاة ؟ وإذا كان فيه زكاة فما نصابه ؟ أو كيف يزكى ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد ذهب الحنفية والحنابلة إلى وجوب الزكاة في العسل فأوجبوا فيه العشر. واختلفوا في القدر الذي تجب فيه الزكاة منه فالحنابلة يرون أنه تجب الزكاة في كل عشرة أفراق منه، والفرق هو ستة عشر رطلًا بالعراقي، والرطل العراقي نحو أربعمائة وسبعين غراماً تقريباً.
واستدلوا بما في مصنف عبد الرزاق أن ناساً من أهل اليمن سألوا عمر بن الخطاب عنه فقال لهم: إن عليكم في كل عشرة أفراق فرقاً. وقال أبو حنيفة: يجب العشر في قليله وكثيره لأنه لا يشترط النصاب في العشر، وقال أبو يوسف: تجب الزكاة فيما بلغ خمسة أوسق. ومستند الجميع في وجوب الزكاة في العسل جملة أحاديث منها ما في سنن ابن ماجه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ من العسل العشر.
ومنها ما في سنن البيهقي عن أبي هريرة قال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن أن يؤخذ من العسل العشر.
ومنها ما في صحيح ابن خزيمة أن بني شبابة -بطن من فهم- كانوا يؤدون إلى النبي صلى الله عليه وسلم من العسل العشر وأنه كان يحمى لهم واديين فيهما نحل.
وذهب المالكية والشافعية إلى أنه لا زكاة في العسل إلا إذا كان من عروض التجارة، فيقوم كما تقوم عروض التجارة.
وقالوا: إنه لم يثبت في ذلك ما يصلح أن يكون دليلاً لوجوب الزكاة.
ولعل هذا هو الراجح لأنه نقل عن غير واحد من الأئمة أنه لا يصح في زكاة العسل شيء، منهم البخاري وابن المنذر وابن عبد البر وغيرهم.
وأصح ما يروى في ذلك الحديث المتقدم الذي أخرجه ابن خزيمة في صحيحه، ولا يصح الاحتجاج به على وجوب الزكاة في العسل، لاحتمال أن ما كانوا يدفعونه لرسول الله صلى الله عليه وسلم هو في مقابل حمايته لوادييهم. ويؤيد ذلك أنهم لما جاؤوا عمر في خلافته وأخبروه خبرهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر عامله عليهم وهو سفيان بن عبد الله أن يحمي لهم الواديين إن أدوا من عسلهم ما كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلا خلى بين الناس وبين الواديين، ولو أن الذي كانوا يدفعونه لرسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة لأمر عمر عامله أن يأخذها منهم عنوة . والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني