الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يعاقب المسيئ على أثر عمله السيئ المستمر بعد وفاته

السؤال

هل الظالم يعاقب على آثار عمله السيئ المستمر في الدنيا بعد وفاته؟ وكيف يتماشى هذا مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث؟..... الحديث.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن ظلم أو ارتكب ما يتعدى إثمه وضرره بعد موته، فقد يُؤاخذ بذلك، كما بينا في الفتويين رقم: 217648، ورقم: 200335.

وقال المناوي في فيض القدير: ومن دعا إلى ضلالة ابتدعها أو سبق بها، فإن عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لتولده عن فعله الذي هو من خصال الشيطان، والعبد يستحق العقوبة على السبب وما تولد منه كما يعاقب السكران على جنايته حال سكره، وإذا كان السبب محظورا لم يكن السكران معذورا، فالله يعاقب على الأسباب المحرمة وما تولد منها كما يثيب على الأسباب المأمور بها وما تولد منها، ولهذا كان على قابيل القاتل لأخيه كفل من ذنب كل قاتل ومر أن ذا لا يعارضه حديث: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث ـ لأنه نبه بتلك الثلاث على ما في معناها من كل ما يدوم النفع به للغير ولا ينقص ذلك من آثامهم شيئا ـ ضمير الجمع في أجورهم وآثامهم يعود لمن باعتبار المعنى، فإن قيل إذا دعا واحد جمعا إلى ضلالة فاتبعوه لزم كون السيئة واحدة وهي الدعوة مع أن هنا آثاما كثيرة، قلنا تلك الدعوة في المعنى متعددة، لأن دعوى الجمع دفعة دعوة لكل من أجابها، فإن قيل كيف التوبة مما تولد وليس من فعله والمرء إنما يتوب مما فعله اختيارا؟ قلنا يحصل بالندم ودفعه عن الغير ما أمكن. انتهى.

وهذا الحكم لا يتعارض مع الحديث المشار إليه، فقد دل الحديث على أن عمل الميت ينقطع بموته، وأن ما يبقى أثره لا ينقطع، فالثلاثة المذكورات الصدقة الجارية، والعلم المنتفع به، والولد الصالح الذي يدعو لأبيه، آثارها باقية، وكذلك الذنوب التي بقي أثرها كما تقدم، قال النووي في شرح مسلم: قال العلماء: معنى الحديث أن عمل الميت ينقطع بموته وينقطع تجدد الثواب له إلا في هذه الأشياء الثلاثة، لكونه كان سببها، فإن الولد من كسبه وكذلك العلم الذي خلفه من تعليم أو تصنيف وكذلك الصدقة الجارية وهي الوقف.

وراجع شرح الحديث في الفتوى رقم: 3960.

وراجع للفائدة الفتوى رقم: 203176.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني