الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لم أكن أعلم وجوب الزكاة، فهل يجب إخراجها عن الماضي؟ وكيف أحسبها؟

السؤال

في السنوات الماضية لم أكن ملتزمة، ولم أكن أعرف ما هي زكاة المال، ولم أكن أخرجها، فهل يجب عليّ إخراج زكاة جميع هذه السنوات الآن؟ ثم ليست لدي جميع الوثائق التي فيها تصرفاتي في مالي، ويجب أن أطلبها من البنك مقابل ثمن، فهل يجوز لي دفع ثمن لأخذها؟ وفيما يخص طريقة الحساب: يصعب عليّ حساب قيمة الزكاة بدقة، بسبب الفوائد الربوية المتراكمة، وبسبب كثرة تصرفي في مالي خلال جميع هذه السنوات، وإذا قمت بالحساب بطريقة مبسطة، فيمكن أن أُخرج أكثر من اللازم، ومن الممكن ألا يتبقى لي الكثير من المال، وأضطر بعدها لطلب المال من أبي، الذي سوف يعطيني إياه، لكنه إذا علم أنني صرفت مالي في الزكاة، فيمكن ألا يعجبه ذلك؛ لأنه مرتد، فماذا يجب عليّ أن أفعل؟ هل أحسب بدقة رغم صعوبة الحساب، أم بطريقة مبسطة؟ فأنا لا أدري هل يجوز لي التصدق بمبلغ أكثر من اللازم، ثم طلب المال من أبي؟ وهل يجب عليّ التصدق بقيمة الربا المتراكمة خلال جميع هذه السنوات؟ وهنا أيضًا ستكون مشكلة الحساب بدقة، وعدم توفر جميع الوثائق للحساب إلا بشرائها من البنك - بارك الله فيكم -.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد بينا لك في الفتوى رقم: 222904 طرفًا مما سألت عنه، وهو أن الفوائد الربوية لا زكاة فيها؛ لكونها مال خبيث، يجب التخلص منه بصرفه في مصالح المسلمين، أو يدفع للفقراء والمساكين، وليس مملوكًا لحائزه، ولا له الانتفاع به في خاصة نفسه، إلا أن يكون فقيرًا محتاجًا، فيأخذ منها بقدر حاجته.

كما بينا أنه يشترط لوجوب الزكاة في الأوراق النقدية شرطان: أن تبلغ نصابًا فأكثر، والنصاب ما يساوي قيمة 85 غرامًا من الذهب، أو 595 جرامًا من الفضة.

والشرط الثاني: حولان عام هجري كامل، وهي بيد المرء؛ فإن ملك نصابًا وكان ينفق منه، ولم يمض عليه الحول من يوم ملكه له، فلا زكاة فيه.

ومن ملك النصاب فأكثر، وحال عليه الحول، فقد وجبت عليه الزكاة.

ولو لم يزك حتى مضت سنوات، فعليه إخراج الزكاة عن كل السنين الماضية.

وتحسبين ذلك حسب قدرتك، فتجتهدين وتتحرين، وتقدرين كم كان المال كل سنة، ولا يكلفك الله فوق ذلك؛ لأنه خارج عن قدرتك.

ولو استلزم معرفة مقدار الواجب بذل مال لاستخراج تفاصيل الحساب، فعليك بذله؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب.

قال الإمام النووي في المجموع: حيث جاز النقل، أو وجب، فمؤنته على رب المال. انتهى.

وفي دقائق أولي النهى - وهو من كتب الحنابلة -: (ومؤنة نقل) زكاة مع حله، أو حرمته، عليه (و) مؤنة (دفع) زكاة (عليه) أي: على من وجبت عليه (كـ) مؤنة (كيل، ووزن)؛ لأن عليه مؤنة تسليمها لمستحقها كاملة، وذلك من تمام التوفية.

وقدر الزكاة هو ربع العشر، أي: في كل مائة اثنان ونصف، وبطريقة أسهل يمكن قسمة المال على أربعين، وناتج القسمة هو ربع العشر الواجب إخراجه.

وأما مسألة كون دفع الزكاة المترتبة في الذمة، بسبب التأخر في دفعها، قد يؤدي إلى الحاجة إلى مال الأب غير المسلم: فلا اعتبار لذلك، ولا يحرم عليك الانتفاع بمال أبيك، ولو كان مرتدًا، ما دمت محتاجة إليه، كما بينا في الفتوى رقم: 23216

وننصحك بالتواصل مع أحد المراكز الإسلامية هناك، والاستفسار منهم مباشرة عما أشكل عليك، أو الاتصال بأهل العلم لمشافهتهم بالمسألة، ففي جملة أسئلتك ما يقتضي التثبت أولًا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني