الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

ما الحكم عندما أدخل المواقع الإباحية أكثر من مرة وأتوب منها وأرجع مرة أخرى؟ وما الحكم في أن أدردش مع من أسميته في نفسي حبيبي -الذي وعدني بالزواج - عن أمور جنسية، وقابلته في بيت خال لا أحد فيه، وقبلته بشهوة وضممته من غير رابط شرعي، وهو يرى أن ذلك من الصواب ولا خطأ فيه بحجة أن الحب فطرة والشهوة رفيقته، فكيف أتوب من هذه النفس الشهوانية؟ حتى الاستغفار أصبح ثقيلا، ولا أذكر متى كانت آخر مرة قرأت فيها القرآن، أخاف أن لا أتوب فتصبح المعاصي جزءا لا يتجزأ مني؟ وكيف أجعل حب الله يملأ قلبي وأحصن نفسي مع العلم أنها تتمنى أن أتزوج بسرعة لكني خائفة بأن يعاقبني الله على ما فعلت بهذا الزوج؟ وكيف أقوى أمام رغبات نفسي التي تأخذني للتهلكة أحس بنفسي ممزقة وأحتاج دواء لروحي، أرجوكم ساعدوني.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فعليك أن تتوبي إلى الله تعالى توبة نصوحا من الدخول على المواقع الإباحية، فلا تخفى حرمة ذلك، كما عليك أن تتوبي من هذه العلاقة الآثمة، وتقطعي كل اتصال بذلك الرجل، لأنه أجنبي عنك، ولا يجوز للمرأة أن تقيم علاقة مع أجنبي عنها خارج إطار الزواج، ولا بأس أن يتقدم هذا الشاب لوليك للزواج منك، ولا سيما إن تاب وأناب، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم ير للمتحابين مثل النكاح.

واعلمي أن باب التوبة مفتوح، فقد قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ { الزمر: 53 ـ 54 }.

وقال في وصف المتقين: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ {آل عمران:13}

وقال تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طه: 88}.

وقال تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ {النور: 31}.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه، وصححه الألباني.

وروى مسلم عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها.

فعليك أن تتوبي إلى الله وتستغفريه، وأكثري من النوافل بأنواعها، واحذري من القنوط من رحمة الله ومغفرته، وعليك أن تبتعدي عما يسبب الوقوع في مثل هذا المنكر من الاختلاط بالرجال وغيره.

وأما عن محبة الله تعالى: فمن أعظم الأسباب الجالبة لها معرفة صفات الله، والتأمل في مظاهر كرمه ورحمته بعباده وسائر صفاته الحسنى، قال ابن رجب في فتح الباري: ومحبة الله تنشأ تارة من معرفته، وكمال معرفته: تحصل من معرفة أسمائه وصفاته وأفعاله الباهرة والتفكير في مصنوعاته وما فيها من الإتقان والحكم والعجائب، فإن ذلك كله يدل على كماله وقدرته وحكمته وعلمه ورحمته، وتارة ينشأ من مطالعة النعم.. اهـ.

ولمزيد فائدة راجعي الفتاوى التالية أرقامها: 123716، 136722، 165039.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني