الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الزواج من نصرانية مطلقة من زواج مدني

السؤال

لقد تعرفت على فتاة أوكرانية أرثوذوكسية، كانت متزوجة زواجا مدنيا ثم طلقت، فهل يحل لي الزواج بها؟ أسأل لأن الطلاق ممنوع في الأرثوذوكسية، والزواج كان مدنيا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالنصرانية إذا طلقها زوجها وانقضت عدتها منه حلّ للمسلم نكاحها إذا كانت عفيفة محصنة، لقول ربنا جل وعلا: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ {المائدة:5}.

وهو ما أوضحناه مفصلا في الفتاوى التالية أرقامها: 7819، ‎323‎ ، ‎8846‎ ، ‎80265‎ .

ولا عبرة بحرمة الطلاق في عقيدة النصارى من الكاثوليك والأرثوذوكس، كما أنه لا عبرة بحرمة نكاح النصرانية من المسلم في دينهم، لأن الإسلام مهيمن على النصرانية، فالنصارى مخاطبون بفروع الشريعة الإسلامية كأصولها، وحكم أنكحتهم كحكم أنكحة المسلمين، فيما يجب كالمهر والنفقة والعدة وفيما يحرم كنكاح المحارم والنشوز، وفيما يقع كالطلاق والظهار، قال الحجاوي في الإقناع: باب نكاح الكفار: حكمه حكم نكاح المسلمين فيما يجب به وتحريم المحرمات ووقوع الطلاق والظهار والإيلاء، وفي وجوب المهر والقسم والإباحة للزوج الأول والإحصان وغير ذلك. اهـ

وسواء كان زواجها الأول ـ العرفي ـ صحيحا أو فاسدا أو باطلا، لأن أسوأ أحوال هذا الزواج إن وقع اتصال بينهما أن يكون سفاحا، وعدة الزانية كعدة المطلقة على الأحوط وهو معتمد قول الحنابلة والمالكية، كما قررناه في الفتوى رقم: 236413.

وعدة المطلقة تنقضي بثلاث حيضات إن كانت المرأة ممن تحيض، وبوضع الحمل من الحامل، وبانقضاء ثلاثة أشهر إن كانت المرأة صغيرة لم تحض أو كبيرة يئست من الحيض، وانظر في عدة المطلقة الفتوى رقم: ‎ .1614

وكذلك اشتراط العفة والإحصان لنكاح الكتابية كاشتراط التوبة لنكاح الزانية، وننبه السائل إلى أن العقد على النصرانية العفيفة المحصنة لا يصح إلا إذا توفرت كافة شروط وأركان العقد على المسلمة والتي بيناه في الفتويين رقم: ‎ ،1766 ‎ ورقم: ‎18153‎.

بما في ذلك موافقة ولي أمرها الشرعي على نكاحها، كما بيناه في الفتوى رقم: ‎63334‎ .

على أننا لا ننصح السائل بنكاح غير المسلمة المتدينة العفيفة، لما قررناه من مخاطر في نكاح الكتابيات وإن كن عفيفات في الفتاوى التالية أرقامها: 5315،‎ ‎،96483‎ ‎58237‎ .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني