الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما صحة حديث: "إن الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم، يأكل الشاة القاصية ...؟

السؤال

ما صحة حديث: "إن الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم، يأكل الشاة القاصية، والناحية، فإياكم والشعاب، وعليكم بالجماعة، والعامة، والمسجد"؟ وقد ابتليت بالجلوس وحدي في غرفتي بعد رجوعي من الدوام رغمًا عني، مع بغضي للوحدة، وقد تبين لي أن العزلة تجلب الشيطان، ووساوسه بصورة قوية جدًّا، وعندما أكون مجتمعًا مع الأصحاب أستطيع رد الوساوس بسهولة، وكنت أظن أن هذا الحديث صحيح، وكنت مرتاحًا نفسيًا؛ لأنني أسلي نفسي بأن الأفكار والخطرات التي تأتيني إنما سببها العزلة الجالبة للشيطان؛ وفقًا لفهمي لهذا الحديث، ولكن - للأسف بالأمس - فوجئت بأن الإمام الألباني ـ رحمه الله ـ قد ضعفه.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالحديث المذكور رواه أحمد في المسند، وقال محققوه: حسن لغيره، إلا أنه منقطع. ويمكنك مراجعة تخريجه مفصلًا، ثمّ للحديث شاهد عن أبي الدرداء أخرجه أحمد، عن معدان بن أبي طلحة اليعمري، قال: قال لي أبو الدرداء: أين مسكنك؟ قال: قلت: في قرية دون حمص، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من ثلاثة في قرية لا يؤذن، ولا تقام فيهم الصلاة، إلا استحوذ عليهم الشيطان، فعليك بالجماعة، فإن الذئب يأكل القاصية. وأخرجه أبو داود، والنسائي، وحسنه الألباني.

والحديث له شواهد كثيرة، وقد حسن الألباني بعض هذه الشواهد، والمعنى صحيح بلا شك، ومن شواهده ما جاء عَنْ زِرٍّ قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ بِالشَّامِ، فَقَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَامِي فِيكُمْ، فَقَالَ: اسْتَوْصُوا بِأَصْحَابِي خَيْرًا، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَفْشُو الْكَذِبُ؛ حَتَّى يُعَجِّلَ الرَّجُلُ بِالشَّهَادَةِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا، وَبِالْيَمِينِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا، فَمَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ، فَلْيَلْزَمِ الْجَمَاعَةَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ، وَمِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ، فَمَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ، وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ، فَهُوَ مُؤْمِنٌ. والحديث رواه أحمد، والترمذي، والنسائي في الكبرى، ورواه ابن حبان، وقد صححه جماعة من أهل العلم منهم: أحمد شاكر، والألباني في تحقيق السنة لابن أبي عاصم، ومحققو المسند.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني