الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الجمع بسبب شدة البرد والرياح

السؤال

في إحدى المرات كنت في مسجد لأصلي المغرب فصليتها جماعة مع الإمام الرسمي ـ والحمد لله ـ وبعد الصلاة أقام لصلاة العشاء ليصليها جمعا، لأنه يرى أن الجو بارد وتوجد رياح وكان يوجد رجال كبار في السن، فهل هذا الجمع صحيح بالرغم من أن هذا المسجد في الأصل يبعد عن بيتي حوالي 63 كيلا، وكنت قد ذهبت إلى هذا المسجد وعدت في نفس اليوم؟. وجزام الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما فعله الإمام رخصة جائزة إن كانت الريح شديدة مع بردها، لأن الريح الشديدة الباردة من أسباب إباحة الجمع، أما إن كانت الريح معتادة، فلا يشرع الجمع، قال العثيمين في الشرح الممتع: قوله: وريح شديدة باردة ـ اشترط المؤلف شرطين للريح:

1ـ أن تكون شديدة.

2ـ وأن تكون باردة.

وظاهر كلامه: أنه لا يشترط أن تكون في ليلة مظلمة، بل يجوز الجمع للريح الشديدة الباردة في الليلة المقمرة أيضاً، فإذا قال قائل: ما هو حد الشدة والبرودة؟ فالجواب على ذلك: أن يقال: المراد بالريح الشديدة ما خرج عن العادة، وأما الريح المعتادة: فإنها لا تبيح الجمع، ولو كانت باردة، والمراد بالبرودة ما تشق على الناس، فإن قال قائل: إذا اشتد البرد دون الريح هل يباح الجمع؟ قلنا: لا، لأن شدة البرد بدون الريح يمكن أن يتوقاه الإِنسان بكثرة الثياب، لكن إذا كان هناك ريح مع شدة البرد فإنها تدخل في الثياب، ولو كان هناك ريح شديدة بدون برد فلا جمع، لأن الرياح الشديدة بدون برد ليس فيها مشقة، لكن لو فرض أن هذه الرياح الشديدة تحمل تراباً يتأثر به الإِنسان ويشق عليه، فإنها تدخل في القاعدة العامة، وهي المشقة، وحينئذٍ يجوز الجمع. انتهى.

فلو كانت الريح يسيرة معتادة، فصلاة العشاء باطلة، وعليكم الإعادة، لأنكم صليتم العشاء لغير وقتها، اللهم إلا إن حصل لكم بتفريق الصلاتين مشقة فنرجو أن يصح لكم الجمع للحاجة على ما اختاره ابن تيمية ـ رحمه الله ـ وراجع الفتوى رقم: 119126.

وإذا قلنا بالصحة، فكان الواجب عند الجمهور أن يُخبركم الإمام قبل صلاة المغرب، حيث إنهم أوجبوا نية الجمع عند الصلاة الأولى ـ وهو المفتى به عندنا ـ وإن كان القول بعدم اشتراطها له قوة، وهو اختيار ابن تيمية ـ رحمه الله ـ وراجع للفائدة الفتويين رقم: 224839، ورقم: 138548.

وعليه، فالأحوط لكم الإعادة، لعدم نية الجمع، ونسأل الله أن يجزيك الأجر الجزيل على اهتمامك بصلاة الجماعة مع بُعد المسافة، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 5367.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني