الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام عمل المرأة المختلط

السؤال

خطيبتي تعمل في مجال فيه اختلاط بالرجال، وطبيعة ذلك الاختلاط دائم، ولفترات كبيرة، فهو ضروري في عملها لإنجاز العمل، فكثيرًا ما تعقد اجتماعات بينها وبين عدد من الرجال؛ للانتهاء من أمر معين، وقد يطول لساعتين، وقد تكون وحدها، أو معها إحدى زميلاتها في هذا العمل، وقد يتحدث إليها شخص لمعرفة وجهة نظرها في عقود عملهم؛ لكي يواجهوا ظلمًا واقعًا عليهم مثلًا أو ما شابه، فهل هذا من الاختلاط المحرم؟ وهل لي – كزوج - ألا أغار عليها لذلك؟ ومن الممكن أيضًا أن تجلس وحدها مع مجموعة من الرجال في العمل لدراسة أمر ما في العمل، فهل هذا جائز؟ مع العلم أنها من الممكن أن تكون وحدها معهم في الشركة، ومن الممكن أن يحدث أن تجتمع مع رجل واحد في حجرة من الشركة، لها باب مفتوح، وأمامه ممر يمر منه الموظفون، فهل هذه خلوة؟ وهل هذا العمل جائز أم به شبهة؟ مع العلم أنها تحتاج لهذا العمل؛ لكي توفر حياة جيدة لأبنائها، وحياة ترفيهية قد تصبح ضرورية في إدخالهم مدارس متميزة، مع العلم أن عملي جيد جدًّا، ولكنه لا يلبي جميع المطالب بشكل جيد للأولاد، ولكنه يوفر الأساسيات لهم من طعام، ومسكن، ودواء، وهل لي – كزوج - أن أغار لمثل هذه المواقف، أم لا؟ وهل هذه الغيرة مطلوبة أم لا؟ وقد اتفقت معها على أن تعمل، ولكني لم أكن أعرف هذا الحد من الاختلاط في العمل، فقد ظننته مثل عملي، أسلم وأستلم العمل من زميلاتي فقط، دون أن يجري حديث إلا قليلًا في مجال العمل، ولا يتعدى الدقائق المعدودة، فهل لي أن أنقض هذا الاتفاق، وأن تبحث عن عمل آخر ليس به هذا الكم من الاختلاط؟ مع العلم أيضًا أن مجالها - حسب فهمي له منها - غالبًا ما يكون بهذا الشكل، وهل أنا بذلك ناقض للعهد؟ أرجو الرد على كل أسئلتي في المواقف السابقة، بالدليل القاطع؛ حتى يتسنى لي ولها الحق فنتبعه - جزاكم الله خيرًا -.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فعمل المرأة في الأصل جائز، إذا كان هذا العمل مباحًا شرعًا، وتنضبط فيه بالضوابط الشرعية، من عدم الاختلاط المحرم، والخلوة، ونحو ذلك، وللمزيد بهذا الخصوص نرجو مطالعة الفتوى رقم: 522، والفتوى رقم: 3859.

والاختلاط منه المحرم، ومنه الجائز، وسبق بيان ضابط الاختلاط المحرم في الفتوى رقم: 116673.

والخلوة المحرمة قد ذكر العلماء لها ضابطًا معينًا مفاده أنها: (اجتماع لا تؤمَن معه الريبة عادة)، وجاء في الموسوعة الفقهية بيان الخلوة المنهي عنها، حيث قالوا: ولا تجوز خلوة المرأة بالأجنبي، ولو في عمل، والمراد بالخلوة المنهي عنها أن تكون المرأة مع الرجل في مكان يأمنان فيه من دخول ثالث. اهـ. وللمزيد راجع الفتوى رقم: 102351.

ومحادثة المرأة للرجل الأجنبي جائزة للحاجة، وبشرط مراعاة الآداب الشرعية، من عدم اللين في القول، ونحو ذلك مما يمكن أن يكون ذريعة إلى الفتنة، ويمكنك مراجعة فتوانا رقم: 21582، ورقم: 116825.

فإذا اشتمل العمل على أمر محرم، في ضوء ما ذكرنا، حرم عليها الاستمرار فيه، إلا لضرورة، أو حاجة شديدة.

وما ذكرت بالسؤال من الحياة الترفيهية للأبناء، وإدخالهم مدارس متميزة لا يعتبر مسوغًا شرعيًا يبيح لها العمل المحرم.

والأولى بها - على كل حال - اجتناب العمل في أماكن يوجد بها رجال، ولو لم يحصل اختلاط محرم، أو خلوة محرمة.

وغيرة الزوج على زوجته مطلوبة، وينبغي أن تكون هذه الغيرة معتدلة؛ لئلا يترتب عليها الغيرة المذمومة.

ولمعرفة الفرق بين الغيرة المحمودة والغيرة المذمومة انظر الفتوى رقم: 71340.

ومن حق الزوج أن يمنع زوجته من العمل، ولو لم يشتمل على أمر محرم، والأولى أن يمنعها ما دامت مكفية بنفقتها، فذلك أسلم للدين والعرض.

وإذا لم يتم الزواج بعد فيمكنه أن يشترط عليها ترك العمل، فإذا وافقت وجب عليها بعد العقد أن تفي بها الشرط، وراجع الفتوى رقم: 1357.

وما ذكرت من اتفاقك معها على العمل ليس بلازم لك شرعًا، ولو كان عن اشتراط منها قبل العقد، في حال كون العمل يترتب عليه الوقوع في أمر محرم، ولا تعتبر بذلك ناقضًا للعهد، وانظر الفتوى رقم: 109348.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني