الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لفظ التبريك الذي يندفع به الحسد

السؤال

ذكرتم في الفتوى رقم: 73585، أن السنة الثابتة أن يقول الإنسان إذا رأى ما يعجبه: تبارك الله، أو ما شاء الله ـ وقد انتشر في هذه الأيام لبعض المشايخ وأهل العلم أن: تبارك الله، أو تبارك الرحمن ـ غير صحيحة ولم يثبت أن: تبارك الله ـ لا تقال إلا لله عز وجل، ولذلك فالصحيح هو أن يقول: بارك الله فيك، أو بارك الله لك، أو بارك الله عليك ـ نرجو التوضيح في ذلك.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد قال ابن بطال في شرح صحيح البخاري: قوله: ألا بركت ـ فيه أن من رأى شيئا فأعجبه فقال: تبارك الله أحسن الخالقين وبرك فيه، فإنه لا يضره بالعين، وهي رقية منه. اهـ.

وقال ابن عبد البر في الاستذكار: قوله صلى الله عليه وسلم: ألا بركت ـ يدل على أن من أعجبه شيء فقال: تبارك الله أحسن الخالقين، اللهم بارك فيه، ونحو هذا، لم يضره إن شاء الله. اهـ.

وقال في التمهيد: التبريك قول القائل: اللهم بارك فيه، ونحو هذا، وقد قيل: إن التبريك أن يقول: تبارك الله أحسن الخالقين اللهم بارك فيه. اهـ.

وتابعه على ذلك جماعة من الشراح كالعيني، والباجي، والزرقاني، والسيوطي، وكذا الهيثمي في مجمع الزوائد، ومؤلفو الموسوعة الفقهية، وقال القرطبي في تفسيره: واجب على كل مسلم أعجبه شيء أن يبرك، فإنه إذا دعا بالبركة صرف المحذور لا محالة... والتبريك أن يقول: تبارك الله أحسن الخالقين! اللهم بارك فيه. اهـ.

وتابعه على ذلك جماعة من المفسرين كابن عادل في اللباب، وإسماعيل حقي في روح البيان، ومن المعاصرين كالجزائري في أيسر التفاسير، ومحمد حجازي في التفسير الواضح، والزحيلي في التفسير المنير، وقال الشنقيطي في أضواء البيان: ترشد ـ يعني قصة سهل بن حنيف ـ إلى أن من برَّك، أي قال: تبارك الله... فإن ذلك يرد عين العائن. اهـ.

وقال ابن عابدين في الدر المختار: الدعاء بالبركة أن يقول: تبارك الله أحسن الخالقين، اللهم بارك. اهـ.

وقال ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: إذا رأى الإنسان ما يعجبه وخاف من حسد العين، فإنه يقول: ما شاء الله تبارك الله.. اهـ.
وقال في لقاء الباب المفتوح: إذا كان الإنسان يخاف أن تصيب عينه أحداً لإعجابه به أن يقول: تبارك الله عليك، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال للرجل الذي أصاب أخاه بعين: هلا بركت عليه. اهـ.

والمقصود أن هذا الذي ذكِر في الفتوى التي أشار إليها السائل، وكذلك في الفتوى رقم: 136928، قد قال به بعض أهل العلم.
ويبقى أن الراجح في معنى التبريك هو القول الأول الذي ذكره ابن عبد البر، وهو قول القائل: اللهم بارك فيه ـ يعني الدعاء بالبركة، وهذا هو ما ذكره أهل اللغة، كالجوهري في الصحاح، والأزهري في تهذيب اللغة، وابن منظور في لسان العرب وغيرهم.
وقال القاضي عياض في مشارق الأنوار: قوله: فبرَّك رسول الله صلى الله عليه وسلم في خيل أحمس ـ أي دعا لها بالبركة. اهـ.
وقد جاء الحديث في قصة سهل بن حنيف مصرحا بهذا المعنى، فقد رواه ابن ماجه بلفظ: إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة.
وقال ابن القيم في زاد المعاد في قول النبي صلى الله عليه وسلم لعامر بن ربيعة لما عان سهل بن حنيف: ألا بركت ـ أي قلت: اللهم بارك عليه. اهـ.
وهذا هو ظاهر الحديث والسنة: أن يقتصر على الدعاء بالبركة، وقد سبق لنا النص على أن معنى: فليُبَرِّك عليه ـ أي: يدعو له بالبركة، وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 33932، 179043، 142717، 228778.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني