الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب العلماء فيمن طلق زوجته وجامعها وهي في العدة

السؤال

امرأة طلقت من زوجها وأخذت صك الطلاق من المحكمة، وقبل انتهاء العدة بشهر قام طليقها بمجامعتها بموافقتها، والآن انتهت عدتها وهي الآن تقيم في بيت أهلها وصك الطلاق معها، فهل هي الآن على ذمة طليقها؟ أم يجوز لها أن تتزوج من رجل آخر؟.
أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان الطلاق رجعيا، فمجرد مجامعة الزوج لمطلقته الرجعية في عدتها يعتبر رجعة شرعية صحيحة في قول أكثر أهل العلم ـ وهم الحنفية والحنابلة والمالكية ـ إلا أن المالكية اشترطوا نية الرجعة، أما الشافعية: فقد قصروا الرجعة على الرجعة بالقول دون الفعل، كما فصله أصحاب الموسوعة الفقهية، فإن كان كذلك، فهي الآن على ذمة طليقها ولا يحل لها أن تنكح زوجا غيره، والآثار شاهدة بصحة قول الجمهور، ففي مصنف ابن أبي شيبة: عَنْ الْحَسَنِ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثُمَّ يَغْشَاهَا وَلَمْ يُشْهِدْ، قَالَ: غِشْيَانُهُ لَهَا مُرَاجَعَةٌ فَلْيُشْهِدْ .

وفيه أيضا عَنْ طَاوُسٍ بن كيسان: قَالُوا: الْجِمَاعُ رَجْعَةٌ، فَلْيُشْهِدْ.

والاشهاد مستحب عند الجمهور، وتعتد الرجعية في بيت الزوجية ولا يحل لها أن تقيم عند أهلها بلا مسوغ شرعي، كما في صدر سورة الطلاق.

وأما إن كان الطلاق بائنا فليست على ذمته، ومجامعتهما محرمة، لأنها أجنبية عنه، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ذهب الفقهاء إلى أن المعتدة من طلاق بائن حكمها حكم الأجنبية، فلا يجوز للمطلق معاشرتها ومساكنتها أو الخلوة بها أو النظر إليها، لانقطاع آثار الزوجية، فلا تحل له إلا بعقد ومهر جديدين في البينونة الصغرى، أو أن تنكح زوجا غيره ثم يفارقها في البينونة الكبرى.

فإن علم بالحرمة كان زنا، وإلا بأن جهل وكان ممن يعذر بجهله كان وطء شبهة، وفي الحالتين لا يحل لها نكاح غيره حتى تنقضي عدتها منه من الوطء بشبهة أو الزنا، وما بقي من عدة الطلاق السابق تدخل في هذه العدة، لأنهما من رجل واحد فتتداخلان على المختار عند الجمهور، جاء في الموسوعة الفقهية: فذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أن المرأة إذا لزمتها عدتان من جنس واحد، وكانتا لرجل واحد، فإنهما تتداخلان لاتحادهما في الجنس والقصد.

أما عدة الموطوءة بشبهة فهي كالمطلقة اتفاقا، جاء في الموسوعة الفقهية: عدة الموطوءة بشبهة وهي التي زفت إلى غير زوجها، والموجودة ليلا على فراشه إذا ادعى الاشتباه كعدة المطلقة باتفاق الفقهاء.

وأما عدة الزانية: فكذلك على المختار، وهو الأحوط، كما جاء في الموسوعة الفقهية: وهو المعتمد لدى المالكية والحنابلة في المذهب، وهو ما ذهب إليه الحسن والنخعي: أن المزني بها تعتد عدة المطلقة.

لكن إن كان هذا الجماع زنا فيضاف شرط آخر إلى انقضاء العدة ليحل نكاحها وهو توبتها من الزنا، لحرمة نكاح الزانية حتى تتوب على المختار، وهو قول الحنابلة، وانظر ذلك في الفتوى رقم: 38866، وما أحيل عليه فيها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني