الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الشيخ الألباني ومسألة تفضيل النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الخلق

السؤال

هل قال العلامة الألباني: إن الرسول عليه الصلاة والسلام ليس أفضل المخلوقات في كتابه التوسل وأنواعه صفحة: 149؟ أم أنه توقف في المسألة؟ وهل بين رأيه في هذا الموضوع في مؤلفاته الأخرى؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد كان الشيخ الألباني يرد في هذا الموضع من كتاب التوسل على الدكتور البوطي في جعله مناط حكم التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته هو كونه أفضل الخلائق عند الله على الإطلاق! فقال: وإذا عدنا إلى ما ذكره الدكتور وجدنا أنه قد ادعى مناطاً ليس عليه شبهة دليل من الكتاب والسنة، وإنما عمدته في ذلك مجرد الظن والوهم، فهل هكذا يكون العلم وإثبات الحقائق الشرعية عند الدكتور.. وأمر ثالث وأخير وهو أن الدكتور قد ادعى أن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الخلائق عند الله على الاطلاق، وهذه عقيدة، وهي لا تثبت عنده، إلا بنص قطعي الثبوت قطعي الدلالة، أي بآية قطعية الدلالة، أو حديث متواتر قطعي الدلالة، فأين هذا النص الذي يثبت كونه صلى الله عليه وسلم أفضل الخلائق عند الله على الإطلاق؟ ومن المعلوم أن هذه القضية مختلف فيها بين العلماء، وقد توقف فيها الإمام أبو حنيفة ـ رحمه الله تعالى ـ ومن شاء التفصيل فعليه بشرح عقيدة الإمام أبي جعفر الطحاوي الحنفي رحمه الله. اهـ.

فتبين بهذا أن الشيخ في هذا الموضع لم يتعرض لمسألة تفضيل النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الخلق ولم يرجح فيها شيئا، وإنما أراد أن يبين تناقض الدكتور البوطي في دعواه أن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق دون دليل قطعي الثبوت والدلالة، بناء على أصله في أن العقائد لا تثبت إلا بذلك! ثم إن الشيخ أثبت الخلاف في المسألة وذكر توقف الإمام أبي حنيفة فيها، وأحال في ذلك على شرح الطحاوية، وقد نقل الشيخ قبل ذلك في الكتاب نفسه عن شيخ الإسلام ابن تيمية قوله: لو كان توسلهم بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد مماته كتوسلهم في حياته لقالوا: كيف نتوسل بمثل العباس ويزيد بن الأسود ونحوهما، ونعدل عن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي هو أفضل الخلائق، وهو أفضل الوسائل وأعظمها عند الله؟. اهـ.
ولم يتعقبه بشيء لا في المتن ولا في الحاشية، وأما شارح الطحاوية ابن أبي العز الحنفي فقد تعرض لمسألة المفاضلة بين الملائكة وصالحي البشر، فقال: الشيخ ـ يعني الطحاوي رحمه الله: لم يتعرض إلى هذه المسألة بنفي ولا إثبات، ولعله يكون قد ترك الكلام فيها قصدا، فإن الإمام أبا حنيفة ـ رضي الله عنه ـ وقف في الجواب عنها على ما ذكره في مآل الفتاوى، فإنه ذكر مسائل لم يقطع أبو حنيفة فيها بجواب، وعد منها: التفضيل بين الملائكة والأنبياء، وهذا هو الحق، فإن الواجب علينا الإيمان بالملائكة والنبيين، وليس علينا أن نعتقد أي الفريقين أفضل، فإن هذا لو كان من الواجب لبين لنا نصا، وقد قال تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم { المائدة: 3} وما كان ربك نسيا {مريم: 64}. اهـ.

وأما رأي الشيخ الألباني في هذه المسألة: فلم نره في شيء من كتبه، غير أنه ختم تحقيق رسالة: رفع الأستار ـ بقوله: وصلى الله على خير خلقه محمد وآله وصحبه وسلم.

وراجع في تفصيل هذه المسألة الفتوى رقم: 187707، وما أحيل عليه فيها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني