الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسألة الإشهاد على توكيل الزوجة والولي في النكاح

السؤال

إذا وكلت امرأة شخصا ليكون وكيلها في عقد الزواج وكذلك وليها، فهل يشترط أن يسمع الشاهدان أنها قامت بتوكيله؟ أم يصح دون ذلك؟ وإذا كان هناك خلاف فأرجو الإشارة إليه.
وشكرا جزيلا لكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

الظاهر لنا من كلام السائلة أن سؤالها عن شرط الإشهاد على توكيل الزوجة والولي في النكاح، فإذ كان كذلك نقول: إن قول السائلة الكريمة: وكذلك وليها ـ يحتمل فيه كون الولي وكيلا لها، ويحتمل أن يكون موكلا لغيره، لأن ثمة فرقا بين الولاية والوكالة، وسنبين الحكم على الوجهين، والحاصل أن التوكيلات المسئول عن شرط الإشهاد عليها ثلاثة:
1ـ توكيل المرأة وليها في إنكاحها: ولا يشترط الإشهاد في هذه الحالة ولكنه الأحوط، كما قال البهوتي في شرح الإقناع ممزوجين: وَلَا يُشْتَرَطُ أَيْضًا الْإِشْهَادُ عَلَى إذْنِهَا، لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا وَلَوْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ، لِمَا تَقَدَّمَ، وَالِاحْتِيَاطُ الْإِشْهَادُ عَلَى خُلُوِّهَا مِنْ الْمَوَانِعِ، وَعَلَى إذْنِهَا لِوَلِيِّهَا إنْ اُعْتُبِرَ احْتِيَاطًا.

وفي اشتراط الإشهاد لصحة الوكالة ههنا خلاف شاذ في مذهب الشافعي وأحمد في الاشتراط ذكره ابن تيمية في الفتاوى الكبرى ونقلناه لكم في الفتوى رقم: 143569‎ .

ويقاس على حكم الإشهاد في هذه الحالة الإشهاد في حالة توكيل عدل غير الولي إذا عدم الولي والسلطان، فإن العدل بمنزلة الولي عندها، قال البهوتي في شرح المنتهى ممزوجين: فإن تعذر ذو سلطان في مكانها وكلت عدلا في ذلك المكان يزوجها.

2ـ توكيل المرأة غير وليها في إنكاحها: وهذه الحالة غير واردة بناء على المختار، وهو قول الجمهور من عدم جواز تولي المرأة عقد تزويجها بنفسها، خلافا لمن أجازه من الحنفية، وهو ما قررناه بأدلته في الفتوى رقم: 54752 .

لأن صحة توكيل المرأة غيرها في عقد النكاح فرع صحة توليها إياه بنفسها، قال الحجاوي في الإقناع: فَلَوْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا أَوْ غَيْرَهَا أَوْ وَكَّلَتْ غَيْرَ وَلِيِّهَا فِي تَزْوِيجِهَا وَلَوْ بِإِذْنِ وَلِيِّهَا فِيهِنَّ، لَمْ يَصِحَّ.

3ـ توكيل الولي غيره في إنكاح موليته: وهنا لا يشترط على الصحيح الإشهاد، قال البهوتي في شرح الإقناع ممزوجين: وَلَا يَفْتَقِرُ تَوْكِيلُهُ إلَى حُضُورِ شَاهِدَيْنِ، لِأَنَّهُ إذْنٌ مِن الْوَلِيِّ فِي التَّزْوِيجِ فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى إذْنِ الْمَرْأَةِ وَلَا الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ كَإِذْنِ الْحَاكِمِ.

وقال الموفق في المغني مشيرا إلى خلاف حكي عن بعض الفقهاء في ذلك: فصل: ولا يعتبر في صحة الوكالة إذن المرأة في التوكيل، سواء كان الموكل أبا أو غيره، ولا يفتقر إلى حضور شاهدين، وقال بعض الشافعية: لا يجوز لغير المجبر التوكيل إلا بإذن المرأة، وخرجه القاضي على الروايتين في توكيل الوكيل من غير إذن الموكل، وحكي عن الحسن بن صالح أنه لا يصح إلا بحضرة شاهدين، لأنه يراد لحل الوطء، فافتقر إلى الشهادة، كالنكاح.

وللمزيد في تقرير ذلك تنظر الفتوى رقم: ‎126073‎ .

فإن كانت السائلة تقصد معنى آخر لم يظهر لنا، فنحن في خدمة إجابتها.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني