الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الدعاء بالعصمة من الكبائر ومن الشيطان

السؤال

هل يجوز سؤال الله العصمة من الكبائر، والعصمة من الشيطان الرجيم؟ أم إن هذا من التعدي بالدعاء، بطلب ما يخالف سنة الله في الكون؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا حرج على المسلم في أن يدعو الله تعالى أن يعصمه من كبائر الذنوب، والآثام. وليس في ذلك تعد، ولا مخالفة لسنن الله تعالى؛ فقد يتفضل الله تعالى على بعض عباده فيحفظهم من الشيطان والآثام، وليست هذه العصمة الواجبة للأنبياء، وإنما هي الحفظ الجائز للمؤمنين؛ فقد روى ابن ماجه وغيره أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ، فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ، وَإِذَا خَرَجَ، فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ اعْصِمْنِي مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ. صححه الألباني.
وروى ابن أبي شيبة في مصنفه أن عُمَر – رضي الله عنه- كان يَقُولُ: اللَّهُمَّ اعْصِمْنِي بِحَبْلِكَ، وَارْزُقْنِي مِنْ فَضْلِكَ، وَاجْعَلْنِي أَحْفَظُ أَمْرَكَ.

وهو كثير في دعاء السلف، وليس المقصود به العصمة التي هي واجبة في حق الأنبياء -كما أشرنا- وإنما الحفظ من الشرور والآثام.

وذهب بعض أهل العلم إلى أن الأدب سؤال الحفظ في حقنا لا العصمة.

جاء في مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للمباركفوري: (والسلامة من كل إثم) وعند الحاكم: والعصمة من كل ذنب، والسلامة من كل إثم، وأسقط قوله: "غنيمة من كل بر". قال العراقي: فيه جواز سؤال العصمة من كل الذنوب، وقد أنكر بعضهم جواز ذلك إذ العصمة إنما هي للأنبياء والملائكة، قال: والجواب أنها في حق الأنبياء والملائكة واجبة، وفي حق غيرهم جائزة، وسؤال الجائز جائز، إلا أن الأدب سؤال الحفظ في حقنا لا العصمة، وقد يكون هذا هو المراد هنا- انتهى. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني