الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مآل من مات على الكفر، وتفاوت العذاب

السؤال

هل جميع الكفار مؤبدون في جهنم، فبعض الكفار لم يعش في الدنيا طويلا، ومات بعد بلوغه بسنة أو سنتين، وبعضهم مات في عمر متأخر، وعصى الله كثيرا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فكل ذنب عسى الله أن يغفره حاشا الكفر، والشرك، فلا يغفره الله إن مات عليه صاحبه، كما قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا. [النساء: 48] وقال عز وجل: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا {النساء:116}. والجنة حرام على هؤلاء، ومأواهم النار خالدين فيها أبدا؛ قال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ. [المائدة: 72] وقال سبحانه: وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ. [الأعراف: 50] وقال عز وجل: إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (64) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (65). [الأحزاب: 64، 65]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة. رواه البخاري ومسلم.

قال النووي في شرح مسلم: هذا نص صريح في أن من مات على الكفر لا يدخل الجنة أصلا، وهذا النص على عمومه بإجماع المسلمين. اهـ.
وقال السفاريني في (الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية):
وجنة النعيم للأبرار مصونة عن سائر الكفار.
فقال ابن القاسم في حاشيته عليها: أي: جنة النعيم، محفوظة محمية عن جميع الكفار، فإن الجنة لا يدخلها إلا نفس مؤمنة، بالكتاب، والسنة، وإجماع أهل السنة. اهـ.
وليس معنى هذا أن أهل النار متساوون في العذاب، بل يتفاوتون في ذلك بحسب كفرهم، وظلمهم، ومعاصيهم.

قال الدكتور عمر الأشقر في كتاب (الجنة والنار): النار متفاوتة في شدة حرها، وما أعده الله من العذاب لأهلها، فليست درجة واحدة، وقد قال الحق تبارك وتعالى: (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار) [النساء: 145] . والعرب تطلق: " الدرك " على كل ما تسافل، كما تطلق: " الدرج " على كل ما تعالى، فيقال: للجنة درجات، وللنار دركات، وكلما ذهبت النار سفلاً كلما علا حرها، واشتد لهيبها ... وصح أن الناس متفاوتون على قدر كفرهم وذنوبهم. اهـ.

وراجعي الفتوى رقم: 128853. ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتوى رقم: 123889.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني