الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصائح لمن ضاق عليهم الرزق

السؤال

بلغت الثلاثين من عمري، وليس لدي عمل، مع أني جامعية. الحصول على عمل صعب جدا، وشروطه معقدة. أنا متزوجة من زوج لا يعمل، وحامل بطفلي الأول، وأسكن مع أهل زوجي، ولدي فقط غرفة ضيقة، وحمام، حتى الطفل ليس لدي مكان أضعه فيه، ولا أعرف ما الذي أفعله، فقد بعت كل ما لدي من ذهب كي أتمكن من النفقة على نفسي وزوجي. وبشكل عام حظي قليل في هذه الدنيا. أرى الجميع من حولي يحققون الإنجازات، ويوفقون ما عداي، فحالي كما هو لا يتغير على الرغم من مداومتي على الدعاء وإلحاحي فيه.
ما هو الحل؟
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أحسنت بصبرك على زوجك، وإعانته في أمر النفقة بمالك، وهذا يدل على أدب وكمال خلق، والله لا يضيع أجر المحسنين.

ولا شك في أن نفقة الزوجة والأولاد واجبة على الزوج حسب قدرته. ويجب على الزوج السعي في تحصيل المال لينفق على أهله، فهذا سبيل للقربة عظيم، وباب للحسنات واسع؛ روى مسلم عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك.

ويجب عليه السعي في تحصيل ما ينفقه على عياله ولا يتركهم للضياع؛ وراجعي الفتوى رقم: 21790.

فوصيتنا لك مناصحة زوجك بالمعروف، وحثه على الكسب في ضوء ما ذكرنا. وعليك بالاستمرار في الدعاء، فإن الله تعالى لا يخيب من رجاه، فأحسني الظن به، فهو عند ظن عبده به؛ قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}. وروى مسلم عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يقول: أنا عند ظن عبدى بي، وأنا معه إذا دعاني.

واعلمي أن الله تعالى إذا أعطى، أعطى لحكمة، وإذا منع، منع لحكمة، وقد يكون المنع في حق العبد خيرا من العطاء، فسلمي أمرك إليه؛ قال تعالى: وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ {الشورى:27}.

وقد استشهد الإمام ابن كثير في تفسير هذه الآية بالحديث الذي أخرجه الطبراني والديلمي في الفردوس، وأبو نعيم في الحلية من حديث أنس وعمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه قال: أتاني جبريل، فقال: يا محمد، ربك يقرأ عليك السلام، ويقول: إن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا بالغنى، ولو أفقرته لكفر، وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا القلة، ولو أغنيته لكفر، وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا بالسقم، ولو أصححته لكفر، وإن من عبادي من لا يصح إيمانه إلا بالصحة، ولو أسقمته لكفر. والحديث وإن كان ضعيفاً، وأورده ابن الجوزي في العلل، إلا أن معناه صحيح؛ ولذا أورده الإمام ابن كثير ولم يعلق عليه، وكذا أورده شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالته المسماة بقاعدة في المحبة. ولا يحملنك ذلك على ترك الدعاء أو اليأس من رحمة الله.
وإذا لم تجدي عملا خارج البيت، فابحثي عن سبيل للعمل من داخل بيتك كالتعليم، والأعمال اليدوية ونحو ذلك، واستشيري في هذا الأمر بعض الناصحات من صديقاتك، وستجدين منهن خيرا إن شاء الله.

يسر الله أمركم، وفرج كربكم، وفتح عليكم أبواب رزقه؛ إنه جواد كريم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني